الصحافة _ كندا
في هجوم حاد جديد، انتقد عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، ما اعتبره “فشل الحكومة الذريع في تنزيل ورش تعميم التغطية الصحية والحماية الاجتماعية”، محذرًا من “إفلاس وشيك” لنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، الذي يعيش اختلالات هيكلية خطيرة بحسب تعبيره.
وخلال ندوة صحفية عقدها صباح اليوم الجمعة بمجلس النواب، قال بوانو إن الحكومة “عجزت عن تأمين التعبئة السنوية للمبلغ الموعود البالغ 51 مليار درهم”، في وقت يواجه فيه نظام التغطية الصحية صعوبات كبيرة أبرزها ضعف الانخراطات، وتفاقم صعوبة التحصيل، وإفلاس منظومة “أمو – الشامل”.
وسجل بوانو أن نفقات التأمين الصحي تُوجه بشكل مفرط نحو القطاع الخاص، ما أدى إلى ما سماه “سلعنة الصحة وتهشيم القطاع العمومي”، مشيرًا إلى أن مصاريف الأدوية لوحدها تمثل 32.4% من إجمالي النفقات، بينما تستمر أسعارها في المغرب في التحليق إلى ما يعادل أربعة أضعاف أسعارها في دول الجوار، دون أي تدخل حكومي ملموس.
كما كشف المتحدث ذاته عن أرقام مقلقة تتعلق بعدم الاستفادة من التغطية الصحية، قائلاً إن “أزيد من 9.2 ملايين مغربي، أي ربع السكان، خارج مظلة التأمين عن المرض، و15% من المواطنين لا يغطون بأي نظام على الإطلاق”، وهو ما اعتبره مؤشراً على “فشل الحكومة في تنفيذ ركن أساسي من المشروع الملكي للحماية الاجتماعية”.
وفي ما يخص التقاعد، اتهم بوانو الحكومة بـ”الصمت المريب” إزاء المحور الثالث من المشروع الاجتماعي، المتعلق بتمكين خمسة ملايين عامل غير مهيكل من معاش تقاعدي، علماً أن هذا الورش يتطلب تعبئة 19 مليار درهم، لم تتضح مصادرها بعد.
وتابع القيادي في “البيجيدي” بأن الحكومة أخلّت بوعدها بشأن “مدخول الكرامة” الموجه لكبار السن، مشيرًا إلى أن “التزام 1000 درهم شهرياً تم التراجع عنه بشكل ملتف، عبر إدراجه ضمن تعويضات عائلية لا تتجاوز 500 درهم”، واصفًا ذلك بـ”التحايل على التزامات تعهدت بها الحكومة أمام الرأي العام”.
وفي ما يخص ملف التعليم، ذكر بوانو أن الحكومة لم تنفذ وعدها بخصوص الزيادة في الأجرة الشهرية للأساتذة الجدد، والتي حُدّدت سابقًا في 2500 درهم لبلوغ سقف 7500 درهم، متهمًا إياها بالتملص من الالتزامات المعلنة.
وختم بوانو انتقاداته بتسليط الضوء على غياب رؤية واضحة لإصلاح صندوق المقاصة، قائلاً إن “الحكومة اختارت مقاربة تجزيئية لا تُراعي البعد الاجتماعي، وتُهمل كلياً مصالح الفئات الفقيرة والهشة والطبقة المتوسطة”.
في مجمل مداخلته، ظهر بوانو وهو يرسم صورة قاتمة عن أداء الحكومة في أحد أكثر الملفات الاجتماعية حساسية، مؤكداً أن السياسات الحالية تهدد بإفراغ مشروع التغطية الاجتماعية من مضمونه، وتُضعف الثقة المؤسساتية في التزامات الدولة تجاه الفئات المستضعفة.>