الصحافة _ كندا
جدل جديد يطفو على سطح المشهد السياسي مع اقتراب موعد الانتخابات المقبلة، بعدما شرعت بعض الأحزاب في الترويج لمقترح رفع عدد مقاعد مجلس النواب، ضمن مذكراتها التي سترفع إلى وزارة الداخلية. ويبدو أن الدافع الأساسي وراء هذه الخطوة هو محاولة توسيع هامش التمثيلية الترابية والنسائية والشبابية، في سياق السعي إلى إرضاء توازنات داخلية حزبية أكثر مما هو استجابة لحاجة موضوعية.
لكن هذا المقترح يواجه موجة انتقادات واسعة، خاصة في ظل الصورة السلبية التي تراكمت عن الغرفة التشريعية الأولى. فالمغاربة تابعوا غير ما مرة مشاهد غياب متكرر للنواب عن الجلسات العامة، وعن لحظات مفصلية تتعلق بالمناقشة أو التصويت على نصوص قانونية مؤثرة. لذلك يُنظر إلى فكرة الزيادة في عدد المقاعد باعتبارها خطوة قد تزيد من تضخم المؤسسة البرلمانية من دون أن ترفع من فعاليتها أو منسوب ثقة المواطنين فيها.
المعطيات الواقعية تشير إلى أن البرلمان المغربي، بغرفتيه، يضم عدداً مرتفعاً من الأعضاء مقارنة بمردوديته. فالإنتاج التشريعي يظل محدوداً لا يتجاوز بضع عشرات النصوص في السنة، بينما تستمر مظاهر الغياب والامتيازات في إثارة الاستياء الشعبي. وفي المقابل، ترتفع مطالب بخفض عدد المقاعد بدل زيادتها، خصوصاً وأن تقليص الحجم قد يفرض قدراً أكبر من الجدية والالتزام داخل المؤسسة، ويعيد النظر في علاقة الناخب بالمنتخب على قاعدة المردودية والنجاعة.
النقاش إذن لا يتعلق بالكم بقدر ما يتعلق بالكيف. فالأزمة الحقيقية ليست في حجم البرلمان، بل في ضعف حضوره الرقابي والتشريعي، وفي الفجوة المتزايدة بينه وبين المواطن. لذلك يبقى الرهان الأساسي هو إصلاح سلوك الممارسة البرلمانية وتعزيز قيم النزاهة والحضور والجدية، أكثر من البحث عن مقاعد إضافية قد تزيد من أعباء الدولة ولا تضيف شيئاً للعمل السياسي.