الصحافة _ كندا
في خضم نفيه المتكرر لاتهامات التسييس، واصل وزير التربية الوطنية، سعد برادة، تحركات مثيرة للجدل في تدبير المناصب العليا داخل القطاع، وسط مؤشرات واضحة على تغليب الولاء السياسي على الكفاءة، في سباق محموم قبل نهاية الولاية الحكومية.
آخر هذه التعيينات جاء من المجلس الحكومي، وأفضى إلى تنصيب مسؤولة جديدة على رأس أكاديمية جهة الشرق، توصف في كواليس الوزارة بأنها محسوبة على حزب التجمع الوطني للأحرار، وهو ما أعاد الجدل حول ما يُوصف بـ”التحكم الحزبي” في مفاصل الوزارة الحساسة، لاسيما بعد موجة إعفاءات اجتاحت العشرات من المديرين الإقليميين.
وبرّرت الوزارة هذه الإعفاءات بتقارير المفتشية العامة وضعف الأداء، إلا أن مصادر مطلعة داخل القطاع تؤكد أن ما جرى كان أقرب إلى تصفية جماعية ممنهجة، فتحت المجال لتوزيع المناصب على “المقربين”، في إطار صفقة سياسية غير معلنة.
من أبرز هذه الحالات، تعيين مسؤول سابق عن التواصل بالوزارة، والذي كان – حسب شهادات من داخل الإدارة المركزية – أحد أسباب فشل الوزير السابق شكيب بنموسى في تسويق مشروع “المدرسة الرائدة”، بعد أن تسبب في شلل تام بقسم التواصل وقطع جسور الحوار مع الرأي العام.
المثير، أن هذا المسؤول تم ترحيله بلطف من مقر الوزارة وتكليفه مؤقتًا على رأس مديرية الناظور، في انتظار مروره “الشرفي” في مباراة ينتظر الجميع نتيجتها المعروفة سلفًا، وسط حديث عن ترتيبات مسبقة لتثبيته نهائيًا في المنصب.
هذه الخطوة لم تمر مرور الكرام، إذ فجّرت موجة جديدة من الشكوك حول نزاهة معايير التعيين في مناصب المسؤولية، وأكدت ما يروج بقوة في دوائر الإدارة، من أن الوزير برادة جاء بخريطة طريق محددة لا تخرج عن هدفين اثنين:
أولًا، تعطيل التزامات الوزارة مع النقابات، وترحيل أي تكلفة مالية للحكومة المقبلة، تجنبًا لأي عبء سياسي على حزب الأحرار في الانتخابات المقبلة.
ثانيًا، تثبيت “الخُدام المخلصين” للحزب في مناصب استراتيجية، لضمان نفوذ دائم في القطاع بعد 2026، بغض النظر عن مخرجات صناديق الاقتراع.
في ظل هذا الواقع، تتصاعد أصوات داخل المنظومة التربوية تدعو إلى فتح تحقيق مستقل في معايير التعيين داخل الوزارة، وسط تحذيرات من أن تحويل قطاع التعليم إلى غنيمة سياسية لن يؤدي سوى إلى تقويض كل محاولات الإصلاح، وضرب ما تبقى من ثقة بين الأسرة التعليمية والحكومة.