الصحافة _ كندا
في مشهد أثار غضبًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وجد بائع السمك المراكشي نفسه في مواجهة مباشرة مع السلطات بعد أن كشف هوامش الربح الضخمة التي يجنيها المضاربون والوسطاء في سوق الأسماك. فبدل أن تبادر الحكومة إلى محاربة الاحتكار والتصدي لجشع كبار الفاعلين في القطاع، بدا وكأنها تسارع إلى خنق أي محاولة لعرض الأسعار الحقيقية، ما اعتبره المواطنون حملة ممنهجة ضد من يفضح المستور.
الواقعة بدأت عندما قرر شاب في مدينة مراكش بيع السردين بسعر 5 دراهم للكيلوغرام، ما شكل صدمة في سوق يتحكم فيه عدد محدود من المتحكمين في الأسعار. هؤلاء يشترون السردين بثمن لا يتجاوز 3 دراهم للكيلوغرام ويعيدون بيعه للمستهلك بأسعار تتراوح بين 10 و20 درهمًا، ما يكرّس ممارسات ربحية غير أخلاقية تزيد من إنهاك القدرة الشرائية للمغاربة، خصوصًا مع اقتراب شهر رمضان، حيث يزداد الإقبال على الأسماك بشكل كبير.
لكن المفاجأة الكبرى لم تكن في كشف هذه الأرقام الصادمة، بل في التحرك السريع للسلطات ضد الشاب، حيث تم إغلاق محله في الدار البيضاء، تحت ذريعة “عدم احترام الشروط الصحية”. تبرير لم يلقَ سوى موجة من السخرية، خصوصًا مع التساؤلات حول مدى صرامة الرقابة على المحلات الكبرى التي لا تحترم معايير السلامة الصحية في مختلف المدن.
البرلمانية فاطنة التامني دخلت على الخط ووجهت رسالة نارية إلى وزير الفلاحة والصيد البحري، متسائلة عن سبب استهداف فاضحي الفساد بدل ملاحقة المحتكرين والمضاربين، معتبرة أن “محاربة الفساد في المغرب باتت مخاطرة، سواء بالنسبة لعامة الشعب أو للتجار الصغار وحتى المجتمع المدني”.
التامني لم تتوقف عند هذه النقطة، بل اعتبرت أن توقيف بائع السمك جاء في سياق تصفية حسابات سياسية واقتصادية، خاصة بعد تصريح الوزير رياض مزور الذي اعترف بأن سوق اللحوم في المغرب يخضع لاحتكار 18 شخصًا فقط، وهو ما زاد من إحراج الحكومة التي تبدو عاجزة عن التدخل ضد المتحكمين في الأسعار.
الحادثة تثير تساؤلات عميقة حول موقف الحكومة من ارتفاع الأسعار، فبدل البحث عن حلول حقيقية لمواجهة الاحتكار وضبط السوق، يتم إقصاء من يحاول كشف الفساد والتلاعب بالأسعار. هل كان من الأولى فتح تحقيق في أسواق الجملة الكبرى لمعرفة الأسعار الحقيقية للأسماك، أم أن سياسة الضغط تمارس فقط على الحلقة الأضعف؟