الصحافة _ كندا
في سابقة غير متوقعة، تحولت مبادرة شبابية بسيطة إلى حركة احتجاج غير معلنة ضد ارتفاع الأسعار، بعدما أطلق الشاب المراكشي عبدالإله، المعروف بلقب “مول الحوت”، حملة لبيع السمك بأسعار منخفضة، كاشفًا الهوة الواسعة بين السعر الحقيقي للمنتجات وثمنها في الأسواق.
هذا التحرك لم يبقَ مجرد حدث معزول، بل امتد ليشعل موجة تمرد تجاري، حيث أعلن عدد من بائعي البيض والدجاج عن تخفيضات كبيرة في أسعارهم، في خطوة يرى كثيرون أنها ضربة قاسية لجشع الوسطاء ولوبيات المضاربة.
وأثار إعلان بعض التجار عن خفض أسعارهم بشكل مفاجئ تساؤلات حول مدى قدرة الضغط الشعبي والمبادرات الفردية على إعادة التوازن للأسواق. فقد كشف أحد بائعي البيض عن بيعه للبيضة بـ 0.80 درهم بدل 1.50 درهم، بينما أعلن تاجر آخر تخفيض سعر الكيلوغرام من الدجاج إلى 14 درهمًا بدل 25 درهمًا، وهو ما أحدث حالة من الارتياح بين المستهلكين، الذين رأوا في هذه الخطوة انتصارًا لمطالبهم المستمرة بوقف الغلاء غير المبرر.
وتحولت هذه المبادرة، التي بدأت بفرد واحد، إلى حراك تجاري يفرض نفسه، ليكشف أن الأسعار ليست دومًا رهينة التكاليف، بل تخضع لمنطق المضاربة والتحكم، حيث أظهر التجار الذين استجابوا لموجة التخفيض أن بإمكانهم البيع بأثمنة معقولة دون تحقيق خسائر، وهو ما يعزز الشكوك حول مدى تورط لوبيات في تضخيم الأسعار على حساب القدرة الشرائية للمواطن.
فهل ستجبر هذه المبادرة باقي التجار على إعادة النظر في تسعير المنتجات الأساسية؟ وهل نحن أمام بداية تحول حقيقي في ديناميكية الأسواق المغربية، حيث يصبح للمستهلك دور فاعل في ضبط الأسعار عبر الضغط الشعبي؟ أم أن هذه التخفيضات لن تكون سوى موجة عابرة سرعان ما تتلاشى أمام نفوذ المضاربين؟
وبغض النظر عن الإجابة، فإن ما يحدث اليوم يمثل تحولًا غير مسبوق في علاقة المستهلك بالتاجر، ويؤكد أن الوعي الجماعي قادر على إحداث تغيير حقيقي في الأسواق، بعيدًا عن التدخلات الحكومية التقليدية. الأيام القادمة كفيلة بالكشف عن مدى عمق هذا التأثير، وهل سيتمدد ليشمل قطاعات أخرى، أم أن “مول الحوت” سيبقى حالة استثنائية في سوق ما زال يرزح تحت قبضة الاحتكار.