الصحافة _ كندا
في العاشر من غشت من كل عام، تعود الدولة لتذكيرنا بـ”اليوم الوطني لمغاربة العالم”، وترافقه خطابات رسمية ووعود فضفاضة عن الارتباط بالوطن ودور الجالية في التنمية. غير أن هذه المناسبة، بدل أن تكون لحظة اعتراف حقيقي بحقوق ملايين المغاربة في الخارج، تتحول إلى مرآة تعكس حجم التهميش والإقصاء الذي يطالهم منذ عقود.
فالجالية، التي تضخ سنوياً مليارات الدراهم في الاقتصاد الوطني عبر تحويلاتها المالية، محرومة من أبسط حقوق المواطنة: الحق في التصويت والمشاركة السياسية. هذا الحرمان لا يقتصر على اللوائح الانتخابية، بل يمتد إلى مراكز القرار، حيث لا وجود لوزراء أو مسؤولين حكوميين من أبناء الجالية، ولا حتى تمثيلية معتبرة لهم في المؤسسات الكبرى.
أما مجلس الجالية المغربية بالخارج، الذي أنشئ ليكون جسراً بين الجالية والدولة، فقد تحول إلى مؤسسة شكلية تستهلك ميزانيات وتنتج بيانات، دون أن تترك أثراً حقيقياً على سياسات الهجرة أو أوضاع المغاربة في المهجر. والأخطر أن بعض “التمثيليات” التي تزعم الدفاع عن قضايا الجالية تحولت إلى منصات للانتهازية، حيث يتم استغلال الصفات الرسمية والمناسبات الوطنية لتحقيق مكاسب شخصية، بعيداً عن هموم المواطنين في الخارج.
الرسالة التي يلتقطها مغاربة العالم من هذا المشهد واضحة: هم مواطنون عند الحسابات البنكية، وغرباء عند الحسابات السياسية. يُستدعون في الصيف لحضور المهرجانات والاستعراضات، ويُذكرون في نشرات الأخبار عند الإعلان عن أرقام التحويلات، لكنهم يغيبون تماماً عن طاولة صنع القرار.
إن استمرار هذا الوضع يفرغ “اليوم الوطني لمغاربة العالم” من محتواه، ويحوّله إلى طقس بروتوكولي يلمع صورة الدولة دون أن يغير واقع الجالية. إذا كان هناك إرادة سياسية صادقة، فإن البداية الحقيقية تكمن في منح الجالية حقوقها السياسية كاملة، وإصلاح المؤسسات الموجهة لها، وتطهيرها من المحسوبية والانتهازية، وجعلها فضاءات للعمل الجاد لا محطات للوجاهة الاجتماعية.
فالجالية ليست خزينة متنقلة ولا رصيداً احتياطياً للعملة الصعبة، بل قوة بشرية وفكرية واقتصادية قادرة على الإسهام في تطوير البلاد إذا ما مُنحت الفرصة، والاعتراف، والمكانة التي تستحقها. إلى أن يتحقق ذلك، سيبقى العاشر من غشت ذكرى رمزية بلا روح، وشعاراً مفرغاً من المعنى.