الصحافة _ كندا
تواصل الولايات المتحدة الأمريكية تعزيز موقفها الثابت الداعم لسيادة المملكة المغربية على أقاليمها الجنوبية، من خلال خطوات دبلوماسية عملية تعكس عمق التحالف بين الرباط وواشنطن. فقد حلّ وفد قنصلي أمريكي بمدينة الداخلة لإطلاق الترتيبات الرسمية لافتتاح قنصلية أمريكية، في خطوة تحمل أبعادا سياسية واقتصادية واضحة.
الوفد الأمريكي، الذي ضم ممثلين رفيعي المستوى من وزارة الخارجية والدبلوماسية الاقتصادية، عقد لقاءات مع السلطات المحلية والمنتخبين والمسؤولين عن قطاع الاستثمار بجهة الداخلة – وادي الذهب، لبحث الجوانب التنظيمية واللوجستيكية المتعلقة بالمقر الجديد، ما يؤشر على انتقال الولايات المتحدة من مرحلة الدعم السياسي إلى مرحلة التموقع الدبلوماسي الميداني.
تأتي هذه الخطوة في سياق تنفيذ القرار الأمريكي الصادر في دجنبر 2020، والذي اعترفت بموجبه واشنطن بسيادة المغرب على كامل أراضيه الجنوبية، مؤكدة في الوقت نفسه أن مبادرة الحكم الذاتي التي اقترحتها المملكة سنة 2007 تمثل الحل الواقعي والجاد للنزاع الإقليمي.
ويرى المتتبعون أن زيارة الوفد الأمريكي إلى الداخلة تجسد التزام واشنطن بشراكتها الاستراتيجية مع المغرب، إذ تتجه الولايات المتحدة إلى ترسيخ حضورها السياسي والاقتصادي في المنطقة من خلال دعم مشاريع تنموية كبرى في مجالات الصيد البحري، الطاقات المتجددة، والسياحة المستدامة، وهي قطاعات تشكل محور النموذج التنموي الذي أطلقه المغرب في أقاليمه الجنوبية.
تحولت الداخلة خلال السنوات الأخيرة إلى مركز اقتصادي صاعد في إفريقيا، بفضل موقعها الجغرافي المتميز كبوابة على القارة ومشاريعها الكبرى مثل ميناء الداخلة الأطلسي، الذي سيعزز مكانتها كقطب تجاري دولي متكامل. هذا الزخم التنموي جعل من المدينة نقطة جذب للاستثمارات الأمريكية والدولية، ومختبرا لنموذج مغربي متجدد في التنمية الترابية.
ويأتي هذا الحضور الأمريكي المتنامي في إطار دعم دولي متزايد لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، إذ تجاوز عدد الدول التي فتحت قنصليات في مدينتي العيون والداخلة الثلاثين، ما يعكس تحولا نوعيا في المواقف الدولية لصالح الرؤية المغربية المبنية على الواقعية والشرعية.
التحرك الأمريكي يحمل رسالة سياسية واضحة إلى الأطراف التي ما زالت تراهن على أطروحات متجاوزة، مفادها أن المجتمع الدولي حسم اتجاهه نحو الحل المغربي باعتباره الطريق الوحيد نحو الاستقرار والتنمية في المنطقة.
بهذه المبادرة، تكرس واشنطن حضورها الدبلوماسي في قلب الصحراء المغربية، مؤكدة أن علاقتها بالمغرب لم تعد تقتصر على التعاون السياسي، بل تمتد إلى رؤية استراتيجية مشتركة لمستقبل المنطقة، قائمة على الشراكة، والتنمية، والاستقرار.














