الصحافة _ الرباط
أبدى مركز التفكير الأمريكي “أطلانتيك كاونسل” تخوفه من التداعيات السلبية التي قد تنجم عن استمرار الخلافات بين واشنطن وشركائها الأوروبيين بشأن اتفاقيات التجارة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، خصوصاً المتعلقة بمنتجات الصيد البحري والفلاحة.
ولفت المركز في تقرير حديث إلى أن هذه الخلافات قد تمثل فرصة لكل من روسيا والصين لتعزيز حضورهما ونفوذهما في المغرب، في ظل غياب معالجة فاعلة لهذه القضايا.
ورغم أن هذا التطور قد يبدو للوهلة الأولى كفرصة لتعزيز الاستثمارات الأمريكية في المغرب، إلا أن التقرير أشار إلى احتمال أن يدفع هذا الوضع الرباط إلى تعزيز تحالفاتها مع الصين وروسيا، إذا لم تُتخذ خطوات جادة لمعالجة هذه الخلافات. وأوضح المركز أن واشنطن يمكن أن تلعب دوراً محورياً في هذا السياق من خلال تبني موقف أكثر وضوحاً في دعم حل قضية الصحراء تحت مظلة الأمم المتحدة.
التقرير أبرز أن الحكم الأخير الصادر عن محكمة العدل الأوروبية، الذي يقضي ببطلان اتفاقيات تجارية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب تشمل أقاليمه الجنوبية، قد يضع الاتحاد الأوروبي أمام التزامات قانونية جديدة قد تتعارض مع الجهود الرامية لتعميق الشراكة السياسية والاقتصادية بين الطرفين.
هذا التحول يأتي في ظل تغير مواقف فرنسا وإسبانيا، وهما الدولتان الأكثر ارتباطاً بالمغرب، تجاه قضية الصحراء المغربية.
وعلى الرغم من التطورات المتوقعة في الملف مع إمكانية عودة ترامب إلى البيت الأبيض، من بينها احتمال فتح قنصلية أمريكية في الداخلة وإطلاق فرص استثمارية للشركات الأمريكية في المنطقة، إلا أن التقرير أشار إلى أن أي تحسن في العلاقات الاقتصادية بين المغرب وواشنطن سيظل محدوداً.
ويرجع ذلك إلى الهيمنة الأوروبية الواضحة، حيث يظل الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري والمستثمر الأجنبي الأكبر للمغرب بفارق كبير.
وأضاف التقرير أن عودة ترامب إلى الرئاسة الأمريكية قد تعيد الزخم إلى التعاون الاقتصادي بين المغرب وواشنطن، الذي شهد جموداً نسبياً خلال فترة إدارة بايدن، حيث أثار التخوف من إمكانية التراجع عن قرار ترامب بالاعتراف بمغربية الصحراء. إلا أن التقرير في المقابل حذر من أن استمرار الوضع الحالي قد يدفع المغرب إلى تعزيز تحالفاته مع روسيا والصين.
وأشار إلى أن هاتين الدولتين، رغم قربهما التقليدي من الجزائر، قد بدأتا تدريجياً في تعزيز مصالحهما في المغرب، وخاصة في الأقاليم الجنوبية.
التقرير لفت إلى تجديد روسيا مؤخراً اتفاقية صيد لمدة أربع سنوات مع المغرب، فيما تسعى الصين إلى زيادة حضورها على السواحل المغربية استناداً إلى مذكرة تفاهم موقعة عام 2023 حول الصيد البحري.
كما أن الصين تستهدف الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة، خصوصاً الهيدروجين الأخضر، في الأقاليم الجنوبية للمغرب.
وكانت محكمة العدل الأوروبية قد أصدرت في مطلع أكتوبر حكماً يقضي ببطلان الاتفاقيات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب فيما يتعلق بأقاليمه الجنوبية.
من جهتها، أوضحت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أن المغرب لم يكن طرفاً في هذه القضية، التي تهم الاتحاد الأوروبي و”البوليساريو” المدعومة من الجزائر.
وأكدت الوزارة أن المغرب لم يشارك في أي مرحلة من مراحل هذه المسطرة، وبالتالي يعتبر نفسه غير معني بهذا الحكم.
وفي ذات السياق، اعتبرت الوزارة أن القرار الأوروبي مليء بالعيوب القانونية الواضحة، مشيرة إلى ما وصفته بالجهل بحقائق الملف، إن لم يكن انحيازاً سياسياً صارخاً.
وأوضحت الوزارة أن المحكمة الأوروبية تجاوزت الهيئات الأممية المختصة وتجاهلت مواقفها الثابتة، خلافاً لما أبدته المحكمة العليا البريطانية في حالة مشابهة تماماً، حيث تعاملت بحياد وتبصر قانوني أكبر.
وفي ظل هذه التطورات، طالب المغرب الاتحاد الأوروبي، ممثلاً في مجلسه ومفوضيته والدول الأعضاء، باتخاذ التدابير اللازمة لضمان احترام التزاماته الدولية والحفاظ على مكتسبات الشراكة مع المغرب.
كما شدد المغرب على ضرورة حصوله على ضمان قانوني يضمن له حقوقه الشرعية كشريك استراتيجي للاتحاد الأوروبي في قضايا متعددة ذات أبعاد استراتيجية.
وأكد المغرب موقفه الراسخ بعدم الالتزام بأي اتفاق أو وثيقة قانونية تمس بوحدته الترابية أو الوطنية، ما يبرز أهمية الالتزام بمبدأ احترام سيادته ضمن أي شراكات أو اتفاقيات مستقبلاً.