الصحافة _ كندا
كشف تقرير صادر عن رئاسة النيابة العامة عن صدور أحكام قضائية بإدانة متهمين تورطوا في بيع وشراء العملات الأجنبية، بما فيها العملات المشفرة، دون إذن من مكتب الصرف، إضافة إلى ممارسة نشاط الوساطة غير القانونية في تحويل العملات الرقمية عبر منصات التبادل الإلكتروني العالمية مقابل عمولات محددة.
ووفقًا للتقرير السنوي لسنة 2023، فإن محاكم المملكة تواجه إشكالات قانونية معقدة عند النظر في هذه القضايا، خاصة في ظل غياب إطار تشريعي واضح ينظم تداول العملات الرقمية، أو يحدد الآليات القانونية لحجزها ومصادرتها عند ارتباطها بجرائم مالية أو أنشطة إجرامية أخرى.
وتزداد تعقيد هذه الملفات عندما يُستغل تداول العملات المشفرة في عمليات الاحتيال، الابتزاز الجنسي، والاختراقات الإلكترونية، حيث يستخدم مجرمون هذه العملات كوسيلة لتحصيل أموال غير مشروعة، كما هو الحال مع فيروسات الفدية التي تشترط الدفع بالعملات الرقمية لإعادة البيانات المخترقة.
واعتمدت بعض المحاكم في إدانة المتهمين على مقتضيات قانون زجر جنح الصرف، إضافة إلى قوانين أخرى، مثل القانون رقم 12-103 المتعلق بمؤسسات الائتمان، والذي يجرم تلقي الأموال من الجمهور دون اعتماد قانوني، فضلًا عن الفصل 339 من القانون الجنائي، الذي يعاقب على إصدار أو توزيع عملات تقوم مقام النقود المتداولة قانونيًا.
وذكّرت النيابة العامة باجتهاد سابق لمحكمة النقض، التي أصدرت إدانة صارمة بحق شخص كان يدير شبكة وساطة سرية في بيع وشراء العملات المشفرة، حيث أكدت المحكمة أن المتهم كان يقوم بتحويل الدرهم المغربي إلى عملات رقمية، ثم يعيد بيعها عبر منصات دولية بعد ارتفاع قيمتها، محققًا أرباحًا غير مشروعة تراوحت بين 3 و8% من قيمة كل معاملة.
ويأتي هذا الجدل القانوني في وقت يستعد فيه المغرب لإطلاق إطار تشريعي جديد ينظم التعامل بالعملات المشفرة، حيث أعلن والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، أن مشروع القانون بات في مراحله الأخيرة، بعد صياغته بالتعاون مع البنك الدولي وجميع الأطراف المعنية، بهدف الاستفادة من الابتكارات الرقمية مع ضمان الرقابة المالية والأمنية.
ورغم الحظر الصارم الذي فرضه المغرب على التعامل بالعملات المشفرة خلال السنوات الماضية، إلا أن التداول بها شهد ارتفاعًا هائلًا بنسبة 60% خلال سنة واحدة، وفق تقرير سابق لشركة “تشايناليسيس”، الذي قدّر حجم الأموال المتداولة في السوق المغربي بنحو 12.7 مليار دولار.
ومع هذه الأرقام الضخمة، يتزايد الضغط على السلطات المغربية للإسراع في وضع تشريعات صارمة لضبط هذا المجال، في ظل تنامي الجرائم المالية المرتبطة بالعملات الرقمية، وتزايد استخدامها كأداة لغسل الأموال والتهرب الضريبي.