الصحافة أيوب سالم
أصبح تصويت المغاربة المقيمين في الخارج من بين الملفات الحارقة التي يجري التطرق إليها ومناقشتها كلما اقتربت الاستحقاقات الانتخابية التشريعية في المغرب، فعلى الرغم من إقرار دستور 2011 بحق أفراد الجالية المغربية في الخارج في المشاركة السياسية، بما في ذلك حق التصويت والترشح في الانتخابات المحلية والجهوية والوطنية، إلا أن الخطوة تبقى مجرد حبر على ورق.
ويأتي هذا النقاش في ظل مناقشة القوانين الانتخابية، حيث تعالت الكثير من أصوات مغاربة المهجر تؤكد حقها في التمثيلية السياسية بالبرلمان ومؤسسات الحكامة، وذلك وفق ما ينص عليه دستور المملكة لسنة 2011 ,حيت طال انتظار الجالية لتمكينها من المشاركة في العملية الانتخابية والسياسية في المملكة منذ عهد حكومة ادريس جطو، حيث عمل بعض الهيئات للالتحاق ببعض الأحزاب قصد إسماع صوتها، والدفاع عن حقوق الجالية وإيصال المشاكل التي تعاني منها من داخل المؤسسة التشريعية.
لقد اصطدم طموح مغاربة العالم في تحقيق التمثيلية السياسية والمشاركة في الانتخابات، بعدة عراقيل وصعوبات، سواء من قبل بعض الأطياف السياسية، أو من قبل جهات أخرى في الدولة ترى أن توقيت المشاركة السياسية لأفراد الجالية لم يصل بعد، أو أن المسألة تتطلب العديد من الإجراءات التنظيمية واللوجستيك بالإضافة إلى ميزانية أخرى لإشراك مغاربة العالم في الانتخابات وفي بقية المؤسسات الوطنية. فما هي التحديات والصعوبات التي تقف أمام مشاركة مغاربة العالم؟ ومن بيده قرار مشاركة الجالية في الانتخابات، ولماذا أنصفهم دستور 2011 وخدلتهم حكومتي ابن كيران والعثماني؟
لقد قامت عدة فعاليات من المهجر خلال إعداد دستور 2011، بتقديم مقترحات وساهمت في إدراج حقوق الجالية ضمن الدستور الجديد، بهدف فتح باب المشاركة السياسية والتمثيلية النيابية لمغاربة العالم، قصد الدفاع عن حقوقهم وإيصال صوتهم للحكومة والمسؤولين، كما حاولت هيئات وفعاليات جمعوية إنشاء حزب سياسي يتبنى قضايا مغاربة العالم وانتظاراتهم من الدولة والحكومة، لكن طموحهم اصطدم بالرفض، مما جعلهم يتخلون عن فكرة تأسيس حزب سياسي، بينما فضل آخرون الانضمام لبعض الأحزاب السياسية للبحث عن طريق للمشاركة السياسية أو الوصول لمجلس الجالية .
ويرى مراقبون أن الفصل 17 من الدستور قد شكّل ثورة جديدة في تعاملها مع المواطنين القاطنين في الخارج، ذلك أنه ينص بشكل حَرفي وواضح على المواطنة الكاملة للمغاربة المهجر، ويقول: {يتمتع المغاربة المقيمون في الخارج بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح في الانتخابات}.
من جهتها، عبرت تنسيقية الأحزاب السياسية بالخارج عن رفضها الشديد لحالة الجمود في تنزيل النص الدستوري المتعلق بتفعيل المشاركة السياسية للمغاربة المقيمين بالخارج، معتبرة أن عدم التجاوب مع دينامياتها السياسية المتعقلة والمتوازنة، وتجاهل قوتها الاقتراحية، هو بمثابة تبخيس لعمل فعاليات من مغاربة العالم ولمساهمتهم السياسية في تعزيز التجربة الديمقراطية لبلدهم.
وقالت التنسيقية في بيان لها، أن الاستمرار في إقصاء مغاربة العالم من المساهمة المباشرة في تدبير الشأن العام، يؤدي في آخر المطاف إلى إضعاف روابط الجالية مع بلدهم الأصلي، وسينعكس بشكل سلبي على الأجيال الصاعدة التي لن يكفي تشبث الجيل الأول والجيل الثاني بالوطن لضمان استمرارية هذه الروابط، محملة القيادات السياسية المسؤولية التاريخية في الخطأ مع التاريخ مرة أخرى، مضيفة أن إقصاء مغاربة العالم من المشاركة السياسية الفعلية، يعزز الصورة النمطية في التعامل مع المغاربة المقيمين بالخارج، باعتبارهم مواطنين من درجة ثانية، وأن الطلب عليهم يقع فقط من جهة الاحتياج للعملة الصعبة التي يساهمون في ضخها لتوسيع وعاء احتياطي البلاد منها.
إن المغرب اليوم أمام فرصة ذهبية لكي يعتمد على إمكانية التصويت الإلكتروني كآلية تجريبية محصورة لمغاربة العالم كمرحلة أولى في أفق تعميمها خلال الاستحقاقات الانتخابية القادمة، مما سيمكن من ترسيخ النفس الديمقراطي وانفتاح التجربة المغربية على نماذج متقدمة عبر العالم. كما أن أغلب المغاربة المقيمين بالخارج يطالبون بتعديل المادة 72 من القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، حتى يتم فتح باب التصويت أمام المغاربة المقيمين بالخارج في سفارات وقنصليات المملكة بالخارج مع إلغاء آلية التصويت بالوكالة المعتمدة حاليا.
وأنا كمغربي مقيم بالجمهورية التركية أتسأل: هل مغاربة المهجر كاملو المواطنة أم ناقصو المواطنة؟ وهل من خرق الدستور لا يحاسب قانونيا، ومن خرق القانون لا يحاسب؟
إن ما حصل في نظري هو خرق للدستور وللقانون ومطالب مغاربة الخارج هو حق دستوري ولا يجب تقديم أي عذر لحرمانهم من حقوقهم، سواء لدواعي أمنية أو تنظيمية أو بسبب الإمكانيات.
نحن اليوم كمغاربة العالم أملنا كبير في التحكيم الملكي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله الساهر على احترام الدستور وصيانة حقوق وحريات المواطنين والمواطنات، لإنصاف الجالية المغربية وتمكينها من ممارسة حقوق المواطنة الكاملة .