الصحافة _ كندا
في تحرك لافت يعيد رسم ملامح التوازن السياسي داخل مجلس النواب، شن هشام المهاجري، عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، هجوماً حاداً على الحكومة، في خطوة تعكس ملامح تحول تدريجي للحزب نحو تبني خطاب أقرب إلى المعارضة، رغم تموقعه داخل الأغلبية. خلال جلسة تشريعية، استغل المهاجري نقطة نظام لتوجيه اتهامات مباشرة للوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، مصطفى بايتاس، معترضاً على ما اعتبره “مصادرة لصلاحيات البرلمان”، ومطالباً بحذف تصريحاته من محضر الجلسة، بدعوى أن التعبير عن المواقف الحكومية في المسار التشريعي يظل من اختصاص مجلس الحكومة مجتمعا، وليس أي وزير على انفراد.
هذه المداخلة النارية سرعان ما لقيت صدى داخل فرق المعارضة، حيث انبرى إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي، بدوره لاتهام الحكومة بتقزيم دور المؤسسة التشريعية، متهماً إياها برفض مقترحات القوانين فقط لأنها لا تندرج ضمن البرنامج الحكومي، دون النظر إلى مضمونها أو جدواها. ورغم محاولات بايتاس الدفاع عن الحكومة، مستعرضاً معالجة 415 مقترح قانون، إلا أن تدخله بدا تقنياً ومراوغاً، متجنباً الخوض في جوهر الانتقادات، خصوصاً ما يتعلق بغياب دراسات الأثر والمقاربة التشاركية.
وفي خطوة أثارت الاستغراب داخل المؤسسة التشريعية، أقدم فريق الأصالة والمعاصرة على سحب مقترح قانون كان يروم تمكين الجماعات الترابية من إحداث مرافق صحية محلية، في انسحاب مباغت وغامض لم يُقدَّم له أي مبرر رسمي، ما دفع البعض إلى التساؤل حول وجود ضغوط داخلية أو حسابات سياسية حالت دون المضي قدماً في مشروع كان ينسجم مع المقتضيات الدستورية المتعلقة بصحة القرب.
اللافت أن المهاجري، الذي عاد إلى الواجهة بعد غياب طويل وخلافات مع الأغلبية، بدا وكأنه يفتتح مرحلة جديدة من المواجهة، إذ قالها بوضوح: “كلامي ماغاديش نبدلو”. وهي عبارة لم تمر مرور الكرام، واعتبرها متابعون رسالة مباشرة مفادها أن حزب الأصالة والمعاصرة، أو على الأقل جناحاً داخله، يستعد لمرحلة سياسية مختلفة تُعيد تموقعه في المشهد، وتفتح الباب أمام مراجعة موقعه داخل التحالف الحكومي.
في ظل هذه الدينامية، تتزايد المؤشرات على تصدع صامت داخل الأغلبية، وانبعاث معارضة هجومية لا تأتي فقط من خارج أسوار الحكومة، بل من داخل صفوفها نفسها، في مشهد يشي بأن معركة التشريع والموقع السياسي بدأت قبل أوانها، استعداداً للاستحقاقات المقبلة.