الصحافة _ كندا
كان الشارع المغربي يغلي، وصوت “جيل Z” يعلو من كل مدينة وقرية، يطالب بالكرامة والعدالة والتعليم والصحة. وعلى مدى أسابيع، كانت الحكومة تتفرّج بصمت مريب، وكأنها خارج الزمن، تُراقب موجة غضب تتّسع دون أن تمتلك الشجاعة السياسية للرد أو الإنصات.
وبينما بدت السلطة التنفيذية غارقة في حساباتها الحزبية الضيقة، جاء التدخّل الملكي الحاسم ليقلب المشهد رأسا على عقب، ويعيد الثقة في الدولة حين كانت على وشك الاهتزاز.
لقد أعاد المجلس الوزاري الذي ترأسه الملك محمد السادس يوم 19 أكتوبر 2025 رسم ملامح المرحلة المقبلة، حين قرّر رفع ميزانية قطاعي الصحة والتعليم إلى 140 مليار درهم، وإحداث أكثر من 27 ألف منصب جديد. لم يكن القرار مجرد إجراء مالي، بل كان رسالة سياسية واضحة: هناك من يستمع، وهناك من يتحرك حين تصمت الحكومة.
ما وقع لم يكن حدثا عاديا في روزنامة السياسة المغربية، بل لحظة فاصلة كشفت بوضوح الفارق بين من يقود بالإرادة والرؤية، ومن يختبئ خلف المبررات والتصريحات. فبينما خرج شباب “جيل Z” للمطالبة بحقوقهم في حياة كريمة، اكتفت الحكومة بالتبريرات، لتأتي المبادرة الملكية وتُعيد ترتيب الأولويات، وتمنح الشباب رسالة ثقة مفادها أن صوتهم وصل.
لقد أظهر هذا التفاعل الملكي أن زمن الانتظار انتهى، وأن قضايا التعليم والصحة لم تعد قابلة للتسويف أو الارتجال. أما الحكومة، فقد وجدت نفسها أمام مرآة قاسية تعكس ضعف أدائها وغياب الحس السياسي لديها، بعدما تُركت لتلاحق قرارات جاءت من فوق، من قمة الدولة، حيث يُصنع الفعل وتُرسم الاتجاهات.
إن ما فعله الملك محمد السادس لم يكن فقط استجابة لاحتجاجات شبابية، بل كان تصحيحا لمسار حكومة فقدت البوصلة، وتأكيدًا أن الدولة، في جوهرها، لا تُقاس بعدد الخطابات، بل بقدرتها على حماية الإنسان وصون كرامته.