الصحافة _ كندا
في مشهد دال على التحول العميق الذي تشهده هندسة التعاون الإفريقي، استقبل الملك محمد السادس، أمس الإثنين بالقصر الملكي بالرباط، وزراء خارجية بوركينافاسو ومالي والنيجر، في لحظة سياسية قوية عبّرت عن دعم المملكة لمسار البناء المؤسساتي لتحالف دول الساحل، الذي يشكّل الإطار البديل للاندماج والتنسيق الإقليمي بين هذه الدول.
وقدّم وزراء خارجية الدول الثلاث عرضًا مفصلًا أمام الملك حول مراحل تأسيس التحالف وأهدافه الاستراتيجية في مجالات الأمن والتنمية والاستقرار، في وقت تسعى فيه هذه البلدان إلى إعادة صياغة موقعها في خارطة التعاون الإقليمي بعد انسحابها من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس).
ويعكس هذا الاستقبال الملكي المتقدم تمسّك المغرب بنهجه الإفريقي الواضح، وتأكيده على مواصلة لعب دور القاطرة في دعم الديناميات التكاملية بالقارة، خاصة في ظل الجمود الذي يطبع مشروع الاندماج المغاربي.
وفي تعليق على هذا التطور، قال الدكتور خالد الشيات، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الأول بوجدة، إن “هذا اللقاء الجماعي يحمل رمزية استراتيجية كبيرة، ويؤسس لتحالف جديد يتجاوز الحدود التقليدية لمنظومات الاندماج القائمة”. وأضاف أن “هذه الدول، بحكم غياب واجهات بحرية لديها، تجد في المبادرة الملكية المتعلقة بتمكينها من منفذ أطلسي، فرصة تاريخية لإعادة رسم خريطة علاقاتها الاقتصادية مع العالم”.
وأكد الشيات أن المبادرة الملكية تنطوي على إمكانيات تكامل حقيقي، تتعدى المجال الصحراوي لتشمل الساحل الإفريقي برمّته، وهو ما سيمكن هذا الفضاء من التحول إلى قطب اقتصادي وجيوسياسي متكامل، قائم على الاستفادة المتبادلة من البنى التحتية المغربية والموارد الطبيعية الغنية لهذه الدول.
وختم بالقول إن “هذا التحول يُمهد لتأسيس وحدة اقتصادية ناشئة، تتجاوز مسارات الاندماج المتوقفة، وتكرّس المغرب بوابةً إفريقية وازنة نحو العالم، وشريكًا إقليميًا موثوقًا لبناء مستقبل جماعي مستقر ومزدهر”.