الصحافة _ كندا
وجّه الملك محمد السادس صفعة قوية للنخبة الحزبية والبرلمانية التي تحولت إلى رمز للفساد وفقدان الثقة، من خلال المصادقة على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب.
إن هذه المبادرة الملكية جاءت لتضع حداً لحالة التسيّب التي طالت المؤسسة التشريعية، وتعلن بوضوح أن الملك قرّر استعادة هيبة البرلمان وتنظيفه من المفسدين والمتلاعبين بإرادة المواطنين. فالمعركة اليوم لم تعد فقط على مقاعد انتخابية، بل على أخلاق السياسة وكرامة التمثيلية.
كما أن القانون الجديد، الذي وُصف بأنه منعطف حقيقي في تخليق الحياة السياسية، يمنع كل من صدرت في حقه أحكام قضائية أو تورط في تجاوزات انتخابية من الترشح أو الولوج إلى البرلمان، مع تشديد العقوبات على كل من يمس بنزاهة الاستحقاقات.
كما يفتح الباب أمام جيل جديد من الشباب والنساء عبر تحفيزات مالية تصل إلى 75% من تكاليف الحملات الانتخابية، في محاولة لتجديد الدماء السياسية ومنح الفرصة لوجوه نزيهة تمثل المغاربة بصدق وكفاءة.
ووراء هذا القرار تكمن إدانة صريحة للوضع المزري الذي وصل إليه البرلمان الحالي في عهد حكومة عزيز أخنوش، حيث 11 نائباً يقبعون في السجن، واثنان في طور المحاكمة، و29 نائباً جُرّدوا من عضويتهم بقرارات المحكمة الدستورية، نصفهم بسبب الفساد المالي والانتخابي والإداري.
وإلى جانب ذلك، لا يزال 26 نائباً آخرين متابعين أمام القضاء في ملفات مشابهة، مما جعل البرلمان يفقد هيبته ويصبح عنواناً للأزمات الأخلاقية بدل أن يكون مؤسسة للرقابة والتشريع.
وبهذه الخطوة، يضع الملك محمد السادس حداً فاصلاً بين من يعتبر السياسة خدمة عمومية ومن جعلها تجارة مربحة. فالقرار الملكي لم يكن شكلياً، بل ضربة إصلاحية في الصميم، تُعيد الاعتبار للعمل النيابي وتؤكد أن من يريد تمثيل المغاربة عليه أن يكون جديراً بالثقة، لا محاطاً بالشبهات.
إنها لحظة تصحيح لمسار طويل من الانحراف، عنوانها: لا مكان للفاسدين تحت قبة البرلمان.
بهذا التوجه، يُعيد الملك رسم قواعد اللعبة السياسية من جديد، بعيداً عن منطق المال والنفوذ، نحو سياسة نظيفة ومؤسسات تحترم نفسها والمواطنين. إنها ضربة ملكية ذكية في توقيت حساس، تضع النقاط على الحروف وتؤكد أن الإصلاح الحقيقي يبدأ من تطهير المؤسسة التي تمثل الشعب.