الصحافة _ كندا
في خطاب عيد العرش لسنة 2025، وجّه الملك محمد السادس رسالة سياسية قوية، حاسمة ومباشرة، إلى مختلف الفاعلين السياسيين، مفادها أن ورش الإعداد للانتخابات التشريعية المقبلة قد انطلق فعلياً، مع ضرورة اعتماد التعديلات القانونية المؤطرة لهذه المحطة قبل نهاية السنة الجارية.
الملك شدد في خطابه على أن المملكة مقبلة، في أجل لا يتعدى سنة، على تنظيم انتخابات مجلس النواب في موعدها الدستوري العادي، داعياً إلى “توفير المنظومة العامة المؤطرة لهذه الاستحقاقات، وأن تكون معتمدة ومعروفة قبل نهاية السنة الحالية”، كما كلف وزير الداخلية بالشروع في التحضير الجيد لهذه المحطة وفتح باب المشاورات مع الأحزاب السياسية.
في قراءة لهذا التوجيه الملكي، يرى المحلل السياسي محمد شقير أن الأمر يتعلق بـ”انطلاقة فعلية مبكرة للاستحقاقات المقبلة، وبإشارة صريحة لحسم الجدل القائم حول مراجعة مدونة الانتخابات”، خاصة في ظل الطلبات المتكررة لبعض الأحزاب لإطلاق المشاورات، والتي كانت تنتظر فقط الضوء الأخضر من المؤسسة الملكية.
واعتبر شقير، أن هذه الإشارة الملكية لا تنفصل عن الرهانات السياسية والاقتصادية الكبرى التي تنتظر المغرب خلال السنوات القادمة، خاصة الاستعداد لتنظيم نهائيات كأس العالم 2030، وهو ما يستدعي نخبة سياسية جديدة ومؤهلة لمواكبة الدينامية التنموية والديبلوماسية التي تعرفها المملكة.
وأشار المحلل إلى أن “المرحلة التي سبقت الخطاب شهدت ارتفاعاً في وتيرة الاستعدادات الحزبية، وظهور مؤشرات مبكرة على حملات انتخابية محتدمة، سواء من قبل أحزاب الأغلبية أو المعارضة، في ظل رهان غير مسبوق يتمثل في تشكيل حكومة مونديال 2030”.
كما لفت إلى أن تركيز الخطاب على ضرورة اعتماد المدونة قبل نهاية السنة “يعكس رغبة المؤسسة الملكية في القطع مع الارتباك الذي عادة ما يرافق التحضير للانتخابات”، ويدفع نحو إقرار إطار قانوني واضح يسبق المواعيد السياسية الكبرى، بما يعزز المصداقية والثقة في العملية الانتخابية.
غير أن شقير لم يُخفِ ملاحظة نقدية بخصوص ظاهرة تعديل مدونة الانتخابات قبل كل استحقاق، مشيراً إلى أن هذا الأمر يعكس “قصوراً هيكلياً في البناء المؤسساتي”، على اعتبار أن النضج الديمقراطي يفترض وجود مدونة انتخابية مستقرة تُطبق على مدى زمني طويل، وهو ما لم يتحقق بعد في التجربة المغربية.
وبين توجيهات الملك، وانتظارات الفاعلين السياسيين، تُفتح صفحة جديدة من النقاش حول إصلاح المنظومة الانتخابية، وسط آمال بأن تقود هذه الدينامية إلى تجديد النخب، وتعزيز ثقة المواطنين في السياسة، وتكريس الاستحقاقات القادمة كفرصة لإعادة ترتيب المشهد الوطني على أسس أكثر نجاعة واستقرار.