الملك يصافح جيل زيد.. ويعلن بداية التعاقد الجديد!

10 أكتوبر 2025
الملك يصافح جيل زيد.. ويعلن بداية التعاقد الجديد!

الصحافة _ كندا

جاء الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة ليشكل لحظة مفصلية في مسار التفاعل بين الدولة والمجتمع، في سياق وطني مطبوع باحتجاجات شبابية واسعة أعادت إلى الواجهة سؤال العدالة الاجتماعية وجدوى العمل السياسي والمؤسساتي.

لقد تميّز الخطاب بعمق رؤيوي واضح، وبتحوّل في نبرة الدولة من التوجيه العمودي إلى مخاطبة المواطن، وخصوصاً فئة الشباب، بوصفها الفاعل الجديد في معادلة التوازن الوطني.

في البنية الخطابية، يمكن رصد انتقالٍ لافتٍ من خطاب الطمأنة إلى خطاب التحفيز والمساءلة. فحين دعا الملك إلى “تسريع مسيرة المغرب الصاعد” و“إطلاق جيل جديد من برامج التنمية الترابية”، فقد حدّد إطاراً مرجعياً لإصلاحات تتجاوز الزمن الحكومي وتلامس جوهر الدولة التنموية.

هذا التحول في المنظور يعكس وعياً بأن مرحلة التسيير الروتيني لم تعد قادرة على مجاراة دينامية الشارع، وأن ما يُطلب اليوم هو إعادة هيكلة شاملة لمفهوم التنمية على أسس العدالة المجالية والاجتماعية.

كما تضمن الخطاب ما يمكن اعتباره “تصحيحاً للعقد السياسي”، حين وجّه الملك دعوة صريحة للبرلمان والأحزاب لتفعيل أدوارها في التأطير والتواصل مع المواطنين. وهو بذلك يُعيد تأكيد أن المؤسسات المنتخبة ليست مجرد آليات تنفيذ، بل واجهات تمثيلية ينبغي أن تستعيد وظيفتها الأصلية: الوساطة بين الدولة والمجتمع. إن استحضار البعد التواصلي هنا يعكس إدراكاً بأن الفجوة بين المواطن والمؤسسة لم تعد تقنية، بل سياسية وثقافية في آن واحد.

في هذا السياق، يبرز الخطاب الملكي كوثيقة سياسية تؤطر تحوّلاً هادئاً في فلسفة الحكم بالمغرب، من الدولة الموجِّهة إلى الدولة المنصتة. فالحديث عن محاربة الهدر في الزمن العمومي، وعن ضرورة اعتماد “ثقافة النتائج”، يشير إلى إرادة لتثبيت منطق جديد في التدبير العمومي، يقوم على المحاسبة الفعلية وربط المسؤولية بالأداء، لا بالرتبة أو الولاء.

لقد بدا واضحاً أن الخطاب حمل، وإن بشكل غير مباشر، استجابةً لنبض الشارع ولرسائل “جيل زيد”. فحين شدّد على النهوض بقطاعي التعليم والصحة وتوفير فرص الشغل للشباب، لم يكن ذلك استعراضاً لمشاريع حكومية بقدر ما كان إعادة تأطيرٍ سياسي لمفهوم التنمية الموجهة نحو الإنسان. إنها دعوة إلى مراجعة السياسات العمومية بما يجعلها أقرب إلى المواطن وأكثر التصاقاً بحاجاته اليومية.

وبذلك، يمكن القول إن الخطاب الملكي دشّن مرحلة جديدة في العلاقة بين الدولة والمجتمع، عنوانها “المواطنة الفاعلة”. مرحلة لا تقوم على التوازن الصوري بين السلطة والمجتمع، بل على تفاعل متبادل بين طرفين يشتركان في الهدف نفسه: حماية الاستقرار وبناء مغرب أكثر عدلاً وتكافؤاً.

إنه خطاب تأسيسي لمرحلة ما بعد الاحتجاج، حيث تتحول مطالب الشارع إلى برنامج عملٍ للدولة، ويُعاد الاعتبار للمسؤولية السياسية بوصفها شرفاً لا امتيازاً.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق