الصحافة _ كندا
بعث محمد السادس برقية تعزية ومواساة إلى أفراد أسرة المرحوم محمد بن عيسى، وزير الخارجية المغربي الأسبق، قائلا إن “سيظل أثره حيا كرجل دولة مقتدر ودبلوماسي محنك”
وقال الملك، في هذه البرقية، “فقد تلقينا بعميق التأثر والأسى نعي المشمول بعفو الله خديمنا الأرضى محمد بن عيسى، الذي لبى داعي ربه في هذه الأيام الفضيلة، بعد مسيرة مديدة من العطاء الوطني المثمر، في تشبث وثيق بثوابت الأمة ومقدساتها ووفاء مكين للعرش العلوي المجيد”.
وأضاف الملك ، “بهذه المناسبة الأليمة، نعرب لكم، ومن خلالكم لكافة أهل الفقيد العزيز وذويه، ولأحبائه وأصدقائه داخل الوطن وخارجه، عن تعازينا الحارة ومواساتنا الصادقة في هذا الرزء الفادح الذي لا راد لقضاء الله فيه، سائلينه تعالى أن يعوضكم عن فراقه جميل الصبر وحسن العزاء، صادقا فيكم قوله عز من قائل “وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة، وأولئك هم المهتدون” صدق الله العظيم”.
ومما جاء في هذه البرقية أيضا “وإن كان رحمه الله، قد رحل إلى مثواه الأخير فسيظل أثره حيا كرجل دولة مقتدر ودبلوماسي محنك، أبان عن كفاءة عالية في مختلف المناصب السامية التي تقلدها، بكل تفان وإخلاص، سواء كوزير للثقافة، أو وزير للشؤون الخارجية والتعاون، أو كسفير لجلالتنا بواشنطن، أو كمنتخب برلماني وجماعي، كما نستحضر، بكل تقدير”.
واسترسل الملك “ما كان يتحلى به من خصال إنسانية رفيعة، ومن سعة الأفق والفكر وشغف بالثقافة، إذ أخذ على عاتقه هم الإشعاع الثقافي والفني لمدينة أصيلة، مسقط رأسه، التي سخر نشاطه وجهوده في خدمة تنميتها، وفرض إشعاعها الثقافي والجمالي وطنيا ودوليا، لا سيما من خلال تأسيسه وتسييره لمؤسسة “منتدى أصيلة”، مجسدا بذلك مثالا يحتذى على الأخذ الصادق بمفهوم المواطنة المسؤولة”.
وأضاف “وإذ نشاطركم أحزانكم في هذا المصاب الجلل، لندعو الباري سبحانه أن يجزي الراحل المبرور عن خدماته الجليلة لوطنه أجرا عظيما، وأن يحتسبه بين الذين أنعم عليهم، جلت قدرته من “النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا”، مشمولا برضوانه الكريم”.
جدير بالذكر أن وزير الخارجية المغربي الأسبق، محمد بن عيسى، توفي أمس الجمعة، عن عمر يناهز 88 عامًا، بعد مسيرة حافلة في العمل السياسي والدبلوماسي.
وتدهورت حالته الصحية في الأشهر الأخيرة، مما أدى إلى غيابه عن مهامه كرئيس للمجلس الجماعي لمدينة أصيلة لأكثر من ثلاثة أشهر. وفي 23 فبراير 2025، نُقل إلى المستشفى العسكري بالرباط بتعليمات ملكية بعد تعرضه لوعكة صحية حرجة.
ولد بنعيسى في 3 يناير 1937 بمدينة أصيلة، وتابع دراسته في الصحافة والاتصال، حيث حصل على الإجازة في علوم الاتصال من جامعة مينيسوتا عام 1961، ثم منحة من مؤسسة روكفلر لإجراء أبحاث بجامعة كولومبيا عام 1964. في عام 2007، حصل على دكتوراه فخرية في القانون من جامعة مينيسوتا.
بدأ مسيرته المهنية كملحق إعلامي بالبعثة المغربية لدى الأمم المتحدة بين عامي 1963 و1965، ثم عمل في دائرة الإعلام بالأمم المتحدة واللجنة الاقتصادية لإفريقيا في أديس أبابا. لاحقًا، التحق بمنظمة الأغذية والزراعة (FAO) حيث شغل مناصب مستشار إقليمي في الإعلام بإفريقيا، ورئيس قسم الاتصال في روما، ثم مديرًا لدائرة الإعلام بالمنظمة. في عام 1975، أصبح الأمين العام المساعد لمؤتمر الغذاء العالمي للأمم المتحدة.
في المغرب، انتُخب مستشارا في المجلس البلدي لمدينة أصيلة عام 1976، ثم نائبًا برلمانيًا عام 1977، ورئيسًا لبلدية أصيلة عام 1983، وهو المنصب الذي شغله لعدة ولايات. تولى وزارة الثقافة بين 1985 و1992، ثم عُيّن سفيرًا للمغرب لدى الولايات المتحدة من 1993 إلى 1999، قبل أن يصبح وزيرًا للشؤون الخارجية والتعاون من 1999 إلى 2007. كما كان عضوًا في المجلس التنفيذي لحزب التجمع الوطني للأحرار وعضوًا في مجلس المستشارين.
إلى جانب عمله السياسي، أسس بن عيسى “جمعية المحيط الثقافية” التي تحولت لاحقًا إلى “مؤسسة منتدى أصيلة”، وأطلق مهرجان أصيلة الثقافي الدولي، الذي أصبح منصة دولية للفكر والفن. كما كان عضوًا في العديد من المؤسسات الفكرية مثل منتدى الفكر العربي، مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية، ومركز البحرين للدراسات الاستراتيجية. حصل على عدة جوائز، من بينها جائزة الإنجاز في ديبلوماسية حل الصراعات وحقوق الإنسان من مؤسسة كميت بطرس بطرس غالي للسلام والمعرفة في مصر عام 2022، وجائزة الشيخ زايد للكتاب عن شخصية العام الثقافية عام 2008، وجائزة رجل السنة الثقافية من مؤسسة الفكر العربي في 2003.
حصل على أوسمة من عدة دول، منها فرنسا، إسبانيا، إيطاليا، اليابان، والبرازيل. كما كُرم بوسام العرش من درجات مختلفة من قبل الملك الحسن الثاني والملك محمد السادس.