المغرب يمسك بزمام اللعبة الدبلوماسية مع إسبانيا.. اتفاقات بالجملة تكشف تحوّل ميزان القوة تحت قيادة الملك محمد السادس

4 ديسمبر 2025
المغرب يمسك بزمام اللعبة الدبلوماسية مع إسبانيا.. اتفاقات بالجملة تكشف تحوّل ميزان القوة تحت قيادة الملك محمد السادس

الصحافة _ كندا

في ختام الدورة الثالثة عشرة للاجتماع رفيع المستوى بين المغرب وإسبانيا، بدا جليّاً أن الرباط لم تعد تتعاطى مع شراكتها مع الجارة الشمالية بمنطق التعاون التقليدي، بل بمنطق المبادرة السيادية الهادئة التي تستمد قوتها من الرؤية الدبلوماسية الاستراتيجية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس؛ رؤيةٌ أعادت صياغة موازين التأثير في غرب المتوسّط، ورسخت موقع المغرب كفاعل إقليمي ذي وزن استراتيجي متنامٍ.

فالكمّ الكبير من الاتفاقات التي وُقعت بين البلدين—من السياسة الخارجية والأمن القضائي، إلى الاقتصاد والبحث العلمي والفلاحة والرياضة— يعيد رسم بنية العلاقات الثنائية على أساس شراكة أفقية متوازنة، تُدرك مدريد قبل غيرها أن هندستها الجديدة تحمل بصمات القيادة الملكية التي وضعت المغرب على مسار إعادة تموضع دولي هادئ، ثابت، وفعّال.

لقد جاء هذا الاجتماع ليؤكد مرة أخرى أن الدبلوماسية المغربية لم تعد تكتفي بردّ الفعل، بل أصبحت تُدير محيطها الإقليمي عبر مشاريع كبرى ذات امتدادات قارّية ودولية، من بينها المبادرات الملكية تجاه إفريقيا، التي أشادت بها إسبانيا بما يشبه الإقرار الضمني بأن الرباط باتت مركز ثقل حقيقياً في القارة، وقاطرةً للإستقرار والتنمية المشتركة.

ولعلّ أبرز ما حملته هذه الدورة هو الانتقال بالعلاقة المغربية–الإسبانية من مستوى التعاون إلى مستوى التنسيق الاستراتيجي متعدد الأبعاد، حيث لم يَعُد الأمن أو الهجرة أو الاقتصاد وحدها محاور للتقارب، بل أصبحت الرقمنة، والحماية الاجتماعية، والدبلوماسية النسوية، وتكوين الدبلوماسيين الشباب مجالات تعكس عمق الرؤية المستقبلية للملك محمد السادس في بناء دولة حديثة تواكب تحولات العالم، وتفرض حضورها عبر جودة مؤسساتها وجدّية التزاماتها.

إن توقيع مذكرات التفاهم المتعلقة بالتراث الوثائقي، وتبادل المساعدة القضائية إلكترونياً، وتطوير الأنظمة الجبائية، ودراسة الزلازل وأنظمة الإنذار المبكر، يشير إلى أن المغرب لم يعد ينظر إلى التعاون الثنائي بمنظار وظيفي ضيّق، بل بمنطق بناء بنية تحتية استراتيجية للتأثير الدولي، ترتكز على تبادل المعرفة، وتقوية مؤسسات الدولة، وتحديث بنيات الإنتاج العلمي والإداري.

هذه المقاربة المتقدمة تعكس بوضوح أن الدبلوماسية الملكية تحوّلت إلى مدرسة قائمة بذاتها؛ مدرسة تؤمن بأن قوة الدول الحديثة تُبنى بالمعرفة، وبالنجاعة المؤسسية، وبالشراكات المتوازنة التي تجعل من المغرب فاعلاً لا مفعولاً به.

ورغم أن مدريد تعدّ اليوم الشريك الاقتصادي الأول للمغرب، فإن مضامين الاتفاقات الموقعة كشفت للمراقبين أن إسبانيا أصبحت تتعامل مع الرباط باعتبارها شريكاً استراتيجياً لا غنى عنه في ملفات الأمن والاقتصاد والطاقة والهجرة ومراقبة الحدود وسلاسل القيمة الصناعية العابرة للمتوسط. وهذه المكانة لم تكن لتترسخ لولا خيارات ملكية واضحة جعلت من المغرب بلداً واثقاً من ذاته، متحكماً في مساراته، وصاحب كلمة مسموعة في محيطه الإقليمي.

إن حصيلة هذا الاجتماع لا تتعلق فقط بتوقيع وثائق، بل هي تثبيت لمرحلة جديدة من الدبلوماسية المغربية، عنوانها: الريادة الهادئة، والثقة السيادية، والقدرة المتزايدة على تشكيل الفضاء الإقليمي وفق رؤية ملكية استراتيجية بعيدة المدى.

وهكذا، يظهر مرة أخرى أن المغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، لا يساير المتغيرات الدولية، بل يساهم في صناعتها، ويبني من خلال شراكاته جسوراً جديدة نحو إفريقيا وأوروبا معاً، في مشهد جيوسياسي يعاد تشكيله… والمغرب في قلبه.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق