الصحافة _ كندا
في خضمّ التحديات العالمية لتحقيق التنمية المستدامة وتقليص الفوارق الاجتماعية، يبرز المغرب كنموذج طموح يسعى إلى بناء مستقبل أكثر عدلاً واستدامة، من خلال تمكين الشباب والمجتمعات المحلية وتفعيل اللامركزية كأداة رئيسية للتغيير الاقتصادي والاجتماعي.
وحسب تحليلٍ للكاتب يوسف بن مئير نُشر في موقع Atalayar، فإن المغرب يسير بخطى واثقة على طريق التنمية المستدامة، مستلهماً الرؤية الملكية التي دعا فيها جلالة الملك محمد السادس إلى تنمية محلية قائمة على إشراك الساكنة في تحديد أولوياتها وصياغة مشاريعها بنفسها، بما يعزز العدالة الاجتماعية ويُقلص معدلات الفقر، خصوصاً في العالم القروي والمناطق الجبلية.
ويشير الكاتب إلى أن المغرب يمتلك بالفعل أطرًا وطنية قوية في مجال التنمية المستدامة، غير أن التحدي الحقيقي يكمن في ضعف تنفيذ البرامج محلياً بسبب تفاوت القدرات وغياب آليات فعالة للتمكين الذاتي. والحل، في نظره، يبدأ من الاستثمار في التكوين والتدريب الذي يمنح الشباب والنساء القدرة على ابتكار مشاريع تنموية منبثقة من احتياجاتهم الواقعية، ما يخلق دينامية ذاتية تُعزّز روح المشاركة والاعتماد على النفس.
كما يلفت بن مئير إلى أهمية إشراك المؤسسات التعليمية ومراكز الشباب في هذه الدينامية، لتحويلها إلى فضاءات حقيقية للتأهيل في مجالات التنمية الذاتية والاجتماعية، مؤكداً أن الشباب المغربي يمتلك طاقة هائلة ورغبة صادقة في المساهمة في بناء مجتمعه، لكنه في حاجة إلى الثقة والفرص والمعرفة ليصبح فاعلاً في التنمية المحلية.
وفي جانب آخر، يدعو الكاتب إلى تسريع اللامركزية من خلال نقل الصلاحيات والموارد إلى الجهات والجماعات الترابية، حتى لا تبقى التنمية رهينة القرار المركزي، مقترحاً إحداث وزارة مستقلة للامركزية تخضع مباشرة للرقابة الملكية، لضمان تنزيل فعلي للرؤية الملكية في هذا المجال.
أما على المستوى العملي، فيُقدّر بن مئير أن الكلفة التقديرية لتفعيل مشاريع تنموية محلية في كل جماعة قروية تبلغ نحو 3 ملايين دولار، ما يعني أن استثماراً وطنياً في حدود 4 مليارات دولار كفيل بإحداث تحول جذري في تقليص الفقر وخلق فرص العمل وتحقيق التنمية الشاملة.
ويختم الكاتب مقاله بالتأكيد على أن التجربة المغربية في اللامركزية والتمكين المحلي يمكن أن تشكّل نموذجاً يحتذى به في العالم، لأنها تُثبت أن الاستدامة الحقيقية تبدأ من الإنسان، حين يُمنح الثقة والقدرة على رسم مستقبله بيده، وأن المغرب قادر على أن يقدم للعالم درساً في التنمية من القاعدة إلى القمة، عنوانه الإرادة والإشراك والمواطنة الفاعلة.