الصحافة _ الرباط
كشف تقرير المهمة الاستطلاعية البرلمانية المؤقتة الخاصة بوضعية السجون إن المغرب يسجل أعلى نسبة للاعتقال الاحتياطي في العالم مع العلم أن أزيد من نصف المعتقلين احتياطيا تصدر في حقهم أحكام بالبراءة أو بعدم المتابعة او بعقوبات حبسية او سجنية موقوفة التنفيذ، وهي الملاحظة التي طرحتها عدد من المنظمات والجمعيات الحقوقية الوطنية أمام أعضاء المهمة.
وشملت المهمة الاستطلاعية ثلاث مؤسسات سجنية، هي سجن “عين السبع” بالدار البيضاء، و “مول البركي” بآسفي، و “تولال” بمكناس حيث بسط التقرير أرقاما صادمة عن الاكتضاط في السجون استنادا لمعطبات كشفها المندوب العام، بعد ان بلغ عدد نزلاء السـجن المحلي “لعين السـبع” 7445 في حين ان طاقته الاستيعابية لا تتجاوز 5000 سـجين أي بزيادة 2445 سجين، وبالنسبة لسجن “مول البركي” فقد بلغ عدد نزلائه 2558 نزيل رغم ان طاقته الاستيعابية محددة 1449 نزيل فقط، والوضع دذته بالنسبة لســــــجن “تولال” الذي يبلغ عدد نزلائه إلى 1949 نزيل، في حين أن طاقته الاستيعابية لا تتجاوز 1504حيث اكد المندوب العام أن مشــــــكل الاكتظاظ يعتبر أ”زمة مستمرة في ظل مواصـــــلة اعتماد آلية الاعتقال الاحتياطي دون ترشيد، وعدم توفير بدائل للعقوبات السجنية، مشيرا الى ان المندوبية تمكنت من بلوغ مساحة1.89 متر لكل سجين.
التقرير أشار الى عدد من الملاحظات التي همت سجن “تولال” بمكناس، بعد أن اشتكى بعض السجناء من المدة الزمنية للفسحة والتي لا تتعدى نصف ساعة، ومشكل النظافة داخل الأجنحة وعدم الاستفادة من الاستحمام بشكل منتظم.
كما اشتكى آخرون من التأخر الحاصل في عملية التوصل بالمشتريات التي يتم اقتنائها من متجر المؤسسة السجنية، حيث تصل مدة الانتظار أحيانا إلى ما يفوق عشرين يوما بين الأداء والتوصل بالمشتريات، وأيضا من من سوء المعاملة التي يتعرضون لها من قبل أحد نواب رئيس المعقل، المتمثلة في السب والقذف المستمر، خاصة حينما يتعلق الأمر بالإجراءات التأديبية التي يلجأ لها أحيانا لأسباب بسيطة جدا، في حين عبرت فئة أخرى من السجناء عن حسن المعاملة من طرف موظفي هذه المؤسسة السجنية.
وسجل التقرير مظاهر الاستعداد المسبق لإدارة السجن لزيارة أعضاء المهمة الاستطلاعية من صباغة جدران المرافق وارضية المعلب، وبذل مجهود كبير لتنظيف الفضاء وهو ما أكده معظم السجناء ما يطرح وفق التقرير سؤالا حول الوضعية الحقيقية للمؤسسة.
كما وقف المهمة عند ضيق المساحات المخصصة للفسحة بالأحياء التي تمت زيارتها حيث لا تتعدى مساحة ساحة الفسحة 150 متر مربع مخصصة لما يقارب 500سجين، ويبرز هذا الإشكال بشكل أكبر بالنسبة للأحياء التي تضم النزلاء من صنف أ حيث تتوفر كل غرفة على ثمانية أسرة إسمنتية مخصصة ل12 نزيلا.
وأورد التقرير وجود غرفة نوم السجناء الموضوعين رهن إشارة شركة المناولة لتوفير التغذية داخل المطبخ دون أي منفذ خارجي للإغاثة في حال وقوع أي حادث، وغياب فضاء الانتظار الخاص بالزوار خارج المؤسسة السجنية، وغياب فضاء خاص للصلاة، قصد استعماله من قبل أطر وموظفي المؤسسة السجنية، وصعوبة استخدام الهواتف الثابتة الموجودة بالأحياء السجنية، نظرا لصعوبة توفير بطائق التعبئة كما سجل أن وجبة العشاء توزع بشكل مبكر على السجناء ابتداءا من الساعة الثالثة والنصف بعد الزوال وذلك لاعتبارات أمنية أهمهما قلة الموارد البشرية.
وبالنسبة لسجن “مول البركي” أبرز التقرير أنه لوحظ عدم ارتياح لدى العديد من النزلاء بسجن وظهور علامات الخوف والقلق عند بعضهم، من تبعات الحديث أثناء التواصل معهم من قبل اعضاء المهمة ، كما تم تسجيل أن بعض أعوان وموظفي الإدارة كانوا حرصين على تسجيل رقم اعتقال كل سجين تم التواصل معه من قبل أعضاء المهمة الاستطلاعية.
ونبه التقرير لوجود اكتظاط كبير على مستوى جناح سجناء الحق العام وهو ما يطرح مشاكل على المستوى الأمني ،و نقل شكايات لنزلاء من مظاهر سوء المعاملة وادعاء وجود بعض أشكال التعذيب من قبل أحد نواب رئيس المعقل، خاصة أثناء العرض على الإجراءات التأديبية والوضع في الزنزانة الفردية، مسجلا وإشادة بعض السجناء بكمية الوجبات المقدمة، في مقابل شكاوي البعض منهم من ضعف جودة وكمية الوجبات المقدمة من قبل المؤسسة السجنية.
التقرير خرج بعدد من التوصيات بعد ان شدد على ضرورة مراجعة القانون المنظم للمؤسسات السجنية، بشكل شامل وفي أقرب الآجال، كما نبه لكون عدد المعتقين الاحتياطيين بالسجون مرتفع جدا ما يفرض اعتماد ســـــياســـــة جنائية قائمة على تقييد شـروط المتابعة في حالة اعتقال، والتأكيد على أن المتابعة في حالة اعتقال هي الاستثناء، وأن الأصل هو المتابعة في حالة سراح، وانه لا يمكن اللجوء إليها إلا في حال توفر مجموعة من الشروط القانونية التي يمكن فيها المتابعة في حالة سراح، مع ضرورة الإسراع إلى اعتماد العقوبات البديلة كإحدى الآليات العقابية التي من شأنها الإسهام في الحد من الاكتظاظ الموجود في المؤسسات السجنية.
ونبه التقرير لكون اللجوء إلى الوضع بالزنزانة التأديبية هو أحد الإجراءات التأديبية التي تملك إدارة المؤسسات السجنية إيقاعها على السجناء في حالة وقوعهم في أخطاء تقتضي التأديب، مشيرا الى أن الحد الأقصى لهذا الإجراء التأديبي في حاجة إلى مراجعة، خاصــــــة مع اللجوء المبالغ فيه لهذه العقوبة أحيانا، حيث بلغ على سبيل المثال عدد قرارات الوضع بالزنزانة الانفرادية 1918 قرار بســـجن عكاشـــة لوحده خلال سنة 2018.
من جهة أخرى، قال التقرير إن المجهود المبذول على مستوى المناصب المالية لا يلبي الحاجيات الحقيقية لقطاع السجون وهو ما يؤثر على وضعية السجناء بصورة عامة،ودعا للرفع من مستوى الموارد البشرية بالسجون، و مراجعة منظومة الاستشفاء الخاصة بالمؤسسات السجنية كما سجل التقرير عدم تناسب حجم المجهود، وكذا الإخطار التي تواجه حراس الأمن بالمؤسسات السجنية مع منظومة الأجور والتعويضات المتحصل عليها، خاصة عند مقارنتها بالأنظمة الخاصة بالقطاعات الشبيهة بها.
وأوصى التقرير بضرورة مراجعة منظومة التعويضات الخاصة بهذه الفئة مع ضرورة المعالجة المتعجلة لوضعية التعيين في المناصب العليا الخاص بإدارة السجون.