الصحافة _ كندا
في خطوة وُصفت بأنها مكسب دبلوماسي جديد للرباط، نقلت وسائل إعلام فرنسية عن مصادر دبلوماسية مطلعة أن ذكرى “المسيرة الخضراء” تم إدراجها ضمن المناهج الدراسية لبعض المدارس في منطقة مرسية الإسبانية، وهو القرار الذي فجّر جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية الإسبانية.
هذه المبادرة تندرج ضمن برنامج تعليم اللغة العربية والثقافة المغربية (PLACM)، الذي تنفّذه مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، بتمويل مباشر من المغرب، ويستهدف أبناء الجالية المغربية المقيمة في إسبانيا. الهدف المعلن للبرنامج هو تعزيز الروابط الثقافية بين الضفتين، وتقديم صورة مشرقة عن تاريخ المغرب وثقافته، بما يعزز اندماج الأجيال الجديدة من المغاربة في المجتمع الإسباني دون التفريط في هويتهم الأصلية.
لكن إدراج “المسيرة الخضراء” تحديدًا في المقررات المدرسية فتح باب المواجهة السياسية في إسبانيا، حيث اعتبرت قوى اليمين المتطرف، وعلى رأسها حزب “فوكس”، أن الخطوة تشكل تهديداً مباشراً للهوية الوطنية الإسبانية، وتغذّي نزعات الانقسام داخل المجتمع. الحزب لم يتأخر في تقديم مقترح برلماني لإلغاء البرنامج بالكامل، متّهماً إياه بأنه أداة تأثير سياسي وثقافي لصالح أجندة مغربية تسعى، حسب زعمه، إلى “توجيه وعي الأجيال الناشئة من أبناء المهاجرين”.
في المقابل، ترى جهات أخرى أن هذا التطور يُمثّل انتصاراً رمزياً للمغرب في معركة الصورة والرواية، خاصة في سياق النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية. فبينما يخوض المغرب معارك دبلوماسية شرسة في أروقة الأمم المتحدة وفي العواصم الكبرى، يبدو أنه يكسب جولات أخرى أكثر نعومة في ميدان القوة الناعمة والتعليم الثقافي، وهو ما قد يُعزّز موقعه الدولي على المدى البعيد.
هكذا، تحوّلت فقرة دراسية إلى ورقة سياسية مشتعلة بين الرباط ومدريد، لتؤكد مرة أخرى أن الصراع حول الصحراء لا يمر فقط عبر الجغرافيا والحدود، بل بات يشق طريقه داخل العقول والمناهج، وداخل الفصول الدراسية في قلب أوروبا.