المغرب يحسم إيقاع الحل في ملف الصحراء ويترك الجزائر و”البوليساريو” في دائرة الارتباك

19 نوفمبر 2025
المغرب يحسم إيقاع الحل في ملف الصحراء ويترك الجزائر و”البوليساريو” في دائرة الارتباك

الصحافة _ كندا

يشهد ملف الصحراء المغربية مرحلة فارقة تعكس تحوّلاً عميقاً في ميزان القوى، حيث تواصل المملكة السير بثبات في تنفيذ مشروع الحكم الذاتي وفق رؤية استراتيجية واضحة تستمد روحها من الخطاب الملكي ليوم 31 أكتوبر 2025 ومن القرار الأممي 2797. وبينما تعزز الدبلوماسية المغربية مواقعها بثقة، تغرق الجزائر و”البوليساريو” في حالة ارتباك واضح، محاصرين بتغيرات الواقع وتزايد العزلة الدولية.

فمنذ لحظة اعتماد القرار الأممي الأخير، تحرك المغرب بسرعة ودقة لتفعيل مقتضياته، واضعاً أسس مرحلة جديدة عنوانها الحسم والمسؤولية. فالخطاب الملكي الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس شكّل لحظة مفصلية، حين أكد بوضوح أن المغرب سيعمل على تحيين وصياغة مقترح الحكم الذاتي بما يجعله الأساس الوحيد للتفاوض، في احترام تام لثوابت الأمة وسيادتها.

وتجلّت دينامية المملكة في اجتماع 10 نونبر الذي جمع مستشاري الملك برؤساء الأحزاب السياسية ووزيري الداخلية والشؤون الخارجية، ليتم إطلاق ورش وطني واسع يُشرك كل المؤسسات والقوى الحية في بلورة تصور متكامل للحكم الذاتي. وقد التزمت الأحزاب بإعداد مذكراتها في آجال محددة بدقة، ليجري تجميعها وتحليلها داخل وزارة الداخلية قبل إحالتها على المستشارين الملكيين والديبلوماسية المغربية.

هذه التعبئة الاستثنائية ليست حدثاً لحظياً، بل امتداد لمسار متدرج اشتغل عليه المغرب منذ سنوات، كرسه القرار 2797 الذي تبنى الحكم الذاتي صراحة كحل وحيد للنزاع، وسمّى الجزائر بوضوح كطرف معني، مما أسقط نهائياً خطاب “الحياد” الذي كانت تتذرع به.

في المقابل، تبدو ردود الفعل الجزائرية مرتبكة ومتناقضة. فبعد تأخر رسمي في الرد، خرج وزير خارجيتها بتصريحات متعثرة تتجاهل واقع الموقف الدولي. بل إنه اعترف ضمناً بأن بلاده كانت على وشك التصويت لصالح القرار قبل أن تتراجع منفردة، في مشهد يعكس عزلة دبلوماسية غير مسبوقة. أما “البوليساريو”، فقد انتقلت من رفض مطلق للحكم الذاتي إلى إعلان استعدادها للتفاوض المباشر، في تحول يعكس ضغطاً دولياً خانقاً وأزمة داخلية تتسع رقعتها.

وتشير شهادات خبراء السياسة والدبلوماسية، ومنهم ديبلوماسيون مغاربة سابقون، إلى أن المملكة تنقل النزاع الآن إلى مستوى جديد قائم على الشرعية القانونية والدستورية. فالنص المنتظر للحكم الذاتي يجب أن يكون منسجماً مع الدستور المغربي، موسعاً لمفهوم الجهوية المتقدمة، ومؤكداً على مبدأ الوحدة الوطنية باعتباره أساساً لا يقبل المساومة.

وتتوقع المراجع المختصة أن تتجه المملكة إلى ملاءمة بعض مقتضياتها الدستورية مع الصيغة النهائية للحكم الذاتي، خصوصاً بعد تثبيت مجلس الأمن لهذا الخيار باعتباره الطريق الوحيد للتسوية. وهو ما يجعل المغرب اليوم في موقع المبادِر القوي، يحدد الإطار، ويقود الإيقاع، ويفرض شروط التفاوض.

في المقابل، تجد الجزائر و”البوليساريو” نفسيهما أمام خيارين لا ثالث لهما: الانخراط الجدي في المسار السياسي الجديد أو السقوط في عزلة تامة لا تحمد عقباها. فالمشهد الدولي لم يعد يحتمل الشعارات القديمة ولا المناورات العقيمة.

لقد قالها جلالة الملك بصراحة وهدوء في خطابه الأخير: المغرب متمسك بحل يحفظ ماء وجه الجميع. لكنه اليوم، أكثر من أي وقت مضى، يسير بثبات نحو فرض الحل الوحيد الممكن… ومن يرفض ركوب قطار التاريخ، فالتاريخ ماضٍ بدونه.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق