الصحافة _ كندا
يواصل المغرب، تحت قيادة الملك محمد السادس، إعادة تشكيل نموذج تنموي متكامل يمزج بين الطموح الصناعي والإصلاح المؤسساتي، في تجربة فريدة داخل العالم النامي تجمع بين الريادة الاقتصادية والاستقرار السياسي.
فالمملكة لا تراهن على السرعة في الإنجاز فقط، بل على الاتساق بين النمو المادي والتوازن الاجتماعي، بما يجعل التنمية مشروعًا وطنيًا جامعًا، لا مجرد حصيلة ظرفية.
وكما أكدت صحيفة International Business Times في نسختها البريطانية، فإن إطلاق مجمع “سافران” لتجميع واختبار محركات الطائرات بالنواصر ليس خطوة تقنية معزولة، بل تتويج لمسار استراتيجي بدأ قبل عقدين، حين قرر المغرب أن ينتقل من مستورد للتكنولوجيا إلى شريك في إنتاجها.
بهذا المشروع الذي تفوق قيمته 3.4 مليارات درهم، تدخل المملكة نادي الدول المصنعة لمحركات “LEAP”، ثاني أكبر محركات الطائرات المدنية استخدامًا في العالم، مع إحداث أكثر من ألف منصب شغل عالي التأهيل للشباب المغاربة.
لقد أدركت الرؤية الملكية أن الصناعة ليست مجرد أرقام في ميزان الأداء الاقتصادي، بل وسيلة لإعادة تموقع المغرب داخل سلاسل القيمة العالمية. فبفضل منظومات صناعية متطورة مثل “ميدبارك الدار البيضاء”، ومعاهد تكوين كـ“المعهد المغربي للطيران والتصنيع الميكانيكي”، تمكنت المملكة من بناء نسيج إنتاجي متكامل، مؤطر بالطاقة النظيفة وبيد عاملة مؤهلة.
وهو ما جعل كبريات الشركات العالمية مثل “بوينغ” و“إيرباص” و“سافران” تعتبر المغرب منصة صناعية موثوقة تجمع بين الكفاءة التقنية والاستقرار التشريعي.
في المقابل، لا ينفصل البعد الصناعي عن البعد المؤسساتي والسياسي الذي شكل محور الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة، حيث شدّد الملك محمد السادس على أن “التنمية الاقتصادية لا تكتمل إلا إذا تحولت إلى أثر ملموس في حياة المواطنين”.
دعوة الملك للبرلمان إلى ممارسة دوره الرقابي والتشريعي بفعالية أكبر، لم تكن مجرد توجيه بروتوكولي، بل تذكير بأن النهضة الاقتصادية تحتاج إلى مؤسسات قوية وشفافة تضمن العدالة في توزيع الثروة وتحمي ثقة المواطن في الدولة.
وفي هذا السياق، يبرز التزام المغرب بربط الطموح الصناعي بالعدالة الاجتماعية. فميزانية التعليم والصحة بلغت مجتمعَتَين أكثر من 117 مليار درهم سنويًا، بارتفاع بلغ 86% و150% على التوالي منذ 2015، إلى جانب توسيع التغطية الصحية لتشمل أكثر من 10 ملايين مواطن جديد، وبرامج موجهة لتمكين الشباب والنساء والمقاولات الصغرى.
إن ما يميز التجربة المغربية اليوم هو هذا التوازي الخلاق بين الصناعة والسياسة، بين التصنيع والإنصاف، وبين الانفتاح الاقتصادي والمسؤولية الاجتماعية. فالمغرب لا يلهث وراء التحديث بأي ثمن، بل يسعى إلى “تنمية بالمسؤولية، وتحديث بالثقة، وريادة بالشراكة”.
ولعل أبرز ما خلص إليه تقرير International Business Times هو أن “صعود المغرب في مجال الطيران ورؤيته البرلمانية الجديدة ليسا مسارين منفصلين، بل وجهان لنهج واحد يقوده الملك محمد السادس بثبات: نهج يربط بين السماء والصناعة، بين المواطن والمؤسسة، وبين المستقبل والمصداقية”.