الصحافة _ كندا
كشف تقرير صادر عن مركز الأبحاث التابع لـ Allianz Research أن المغرب مطالب بتعبئة استثمارات تناهز 38 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة لتحديث بنياته التحتية غير الطاقية، باعتبارها رافعة أساسية لدعم النمو الحضري وتعزيز التنمية الاقتصادية.
التقرير، الصادر تحت عنوان “3,5% إلى غاية 2035: ردم الفجوة العالمية في البنيات التحتية”، أوضح أن أولويات الاستثمار بالمغرب تشمل شبكات الطرق (19,3 مليار دولار)، الموانئ (8,2 مليارات دولار)، الاتصالات والرقمنة (6,3 مليارات دولار)، إضافة إلى السكك الحديدية (3 مليارات دولار)، التطهير السائل (1,1 مليار دولار)، والنقل الجوي (0,1 مليار دولار). وتأتي هذه الاستثمارات استجابة لمتطلبات التوسع الحضري المتسارع، الذي يشمل اليوم أكثر من 60% من ساكنة المغرب، فضلاً عن طموح المملكة لترسيخ موقعها كمركز لوجستي وصناعي إقليمي.
على الصعيد العالمي، قدّر التقرير حاجيات الاستثمار في البنيات التحتية غير الطاقية بنحو 11.500 مليار دولار خلال عقد من الزمن، يوجه ثلثاها إلى الاقتصادات الناشئة. وأكد أن التحولات الديموغرافية والتوترات الجيوسياسية تفرض تسريع المشاريع، مع بروز دور متزايد لرأس المال الخاص الذي تجاوزت أصوله غير المدرجة تحت التدبير 1.500 مليار دولار سنة 2024.
اقتصادياً، يرى خبراء أن الرقم المقدر (38 مليار دولار) واقعي إذا تم توزيعه على مدى عشر سنوات، أي ما يعادل استثمارات سنوية تتراوح بين 3 و4 مليارات دولار. هذا المستوى يمكن استيعابه في إطار المجهود الاستثماري الوطني، خاصة أن ميزانية الاستثمار العمومي لسنة 2025 تناهز 340 مليار درهم (33 إلى 34 مليار دولار). وبالتالي، فإن مجموع الاستثمارات المطلوبة على عقد كامل يظل أقل من حجم الإنفاق العمومي لسنة واحدة، ما يجعل تحقيقه ممكناً إذا تم إحكام ترتيب الأولويات واللجوء إلى تمويلات مختلطة.
وتُبرز الأولويات القطاعية أهمية الطاقة المتجددة وشبكات التوزيع لضمان أمن الطاقة وتقليص فاتورة الاستيراد، إضافة إلى البنيات التحتية للنقل واللوجستيك، بما في ذلك الطرق والموانئ والسكك الحديدية، ثم البنية المائية عبر إدارة الموارد وتحلية المياه. أما الرقمنة والاتصالات فاعتُبرت قاطرة الاقتصاد المعرفي والتحول الرقمي.
التحذير الأبرز يتمثل في أن أي تأخر في الاستثمار بهذه المجالات سيقيد النمو الاقتصادي بنسبة تتراوح بين 1 و2% سنوياً، ويفقد المغرب ميزته التنافسية أمام دول إقليمية مثل مصر والإمارات. ومن هنا، تبرز أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) وصيغ BOT، إضافة إلى استثمار الصناديق السيادية والسندات الخضراء لتمويل مشاريع البنية التحتية المستدامة.
غير أن الاعتماد المفرط على الدين الخارجي والداخلي يبقى من المخاطر المطروحة، لما يسببه من ارتفاع في خدمة الدين وتقلبات أسعار الصرف، فضلاً عن مزاحمة القطاع الخاص على القروض. ما يجعل من الضروري تبني استراتيجية تمويلية متوازنة، تقوم على تنويع مصادر التمويل، وتعزيز الشفافية في العقود، وربط الاستثمارات بخطط التنمية الجهوية، مع اعتماد آليات دقيقة لقياس الأثر التنموي وضمان استدامة المشاريع.
في المحصلة، تبدو الحاجيات الاستثمارية التي حددها تقرير Allianz Research في متناول المغرب من حيث الحجم، لكنها تضع أمامه تحدياً أكبر: إدارة هذه الاستثمارات بكفاءة، وضمان توجيهها نحو القطاعات الأكثر إلحاحاً، بما يعزز النمو ويكرس الموقع الاستراتيجي للمملكة في الخريطة الإقليمية والدولية.