الصحافة _ كندا
بعد أن ظل لسنوات بمثابة “علبة سوداء” يمنع الاقتراب منها، انعقد أمس الثلاثاء 1 يوليوز 2025 اجتماع المجموعة الموضوعاتية المكلفة بتقييم مخطط المغرب الأخضر، الذي أُطلق تحت إشراف عزيز أخنوش خلال توليه حقيبة الفلاحة.
الاجتماع يأتي وسط تصاعد غير مسبوق في حدة الانتقادات التي تستهدف هذا المخطط، الذي رُوّج له كخارطة طريق لتنمية الفلاحة المغربية، لكنه أفضى، بحسب تقارير رسمية وخبراء، إلى نتائج كارثية مست جوانب اجتماعية وبيئية واقتصادية حساسة، أبرزها تفقير آلاف الفلاحين وضياع نحو ربع مليون هكتار من الأراضي الزراعية، جراء استنزاف مفرط وخطير للموارد المائية.
وكان تقرير صادر عن والي بنك المغرب ومُقدم إلى الملك محمد السادس قد كشف عن حجم الخلل البنيوي الذي خلّفه المخطط، متحدثاً عن تهديد مباشر للأمن الغذائي الوطني، نتيجة التركيز المبالغ فيه على الزراعات التصديرية، مقابل تهميش الإنتاج الموجّه للسوق الداخلي.
كما سبق لرابطة المهندسين الاستقلاليين أن حمّلت المخطط مسؤولية تفاقم الهشاشة الاجتماعية في العالم القروي، معتبرة أن فلسفته انحازت بشكل سافر لفئات محدودة من كبار المستثمرين، على حساب صغار الفلاحين والعمال الزراعيين الذين تدهورت أوضاعهم المعيشية.
وفي الاتجاه ذاته، أظهرت دراسة مشتركة بين النقابة الديمقراطية للفلاحة وعدد من المنظمات المدنية أن المخطط استنزف ما يفوق 10 مليار دولار على امتداد عشر سنوات، دون أن ينجح في تحسين دخل الفلاح الصغير أو تقليص العجز الغذائي، حيث لا تتجاوز نسبة تغطية الصادرات الفلاحية للواردات 48٪، ما يجعل البلاد تحت رحمة تقلبات السوق العالمية.
الخبير الجامعي محمد الناجي وصف حصيلة المخطط بـ”الكارثية”، مشيراً إلى أنها كرّست التفاوتات الاجتماعية واستنزفت الفرشات المائية والمراعي الطبيعية، بينما تجاهلت الأبعاد البيئية والإنسانية، في مقابل تمكين “لوبيات فلاحية” من الامتيازات والموارد، ما اعتبره تقويضاً لمبدأ العدالة المجالية.
ودعا الناجي إلى مراجعة جذرية للسياسات الفلاحية والبحرية، ترتكز على الاستدامة، والبحث العلمي، والعدالة في توزيع الدعم، وحماية الموارد الطبيعية، وضمان إشراك فعلي لكافة الفاعلين في بلورة القرار الفلاحي.
وتزايدت في الأيام الأخيرة الدعوات البرلمانية والمدنية للكشف عن المستفيدين الحقيقيين من المخطط، مع مطالب بإعادة هيكلة شاملة للسياسات الفلاحية بما يتماشى مع حاجيات المغاربة، في ظل الأزمة الاجتماعية والاقتصادية المتفاقمة التي يربطها كثيرون بالمقاربة النيوليبرالية التي صاغ بها عزيز أخنوش هذا المشروع.