بقلم: سعيد السالمي*
الذي فشل ليس ما سمي بالنموذج التنموي كما صاغته العقول التواصلية الملكية .. في الجملة القصيرة التي تردد منذ ما يزين عن سنتين في الخطب الملكية كما في الخطاب الرسمي والاعلامي ولكن الذي فشل هو النموذج المخزني في الحكم بعد ان وصل الى النفق على جميع الاصعدة..
فشل على الصعيد السياسي لأن منظومته باتت متجاوزة بعد أن عجزت عن إعادة النقاشات المجتمعية إلى دائرة المؤسسات فضلا عن قصورها المطلق في امتصاص أو “تأطير” الحركات الاحتجاجية على مدى السنوات الاخيرة..
بل أكثر من ذلك، فإن التنظيمات التي اختارت ان تنشط خارج اللعبة الممأسسة، أو خارج المؤسسات بالتعبير المخزني، على غرار العدل والاحسان واليسار الممانع والحركة الامازيغية والاصوات المستقلة، بدأت توسع من دائرة تأثيرها داخل المجتمع ولا أدل على ذلك أن السلطة لا تخفي اليوم امتعاضها من تجذر الجماعة، التي كان محللو المخزن يبشرون بموتها يوم وفاة المرحوم ياسين، ما يفسر الاعفاءَات التي تطال أطرها في قطاعات عدة.
فشل على الصعيد الاقتصادي بعد عقدين من انتعاش “المخزن الاقتصادي” الجديد، الذي أظهر على الساحة أثرياء جدد، على حساب التقهقر الذي يشهدة المغرب في تصانيف الفقر والتنمية البشرية، وكذلك تصانيف الفساد إذ مررنا من الرتبة 45 سنة 1999 في تصنيف منظمة الشفافية الدولية إلى ما نحن عليه اليوم، اي تقريبا الضعف.
أمام هذا الوضع، وللتعامل معه، بعيدا عن التسويق التواصلي، هناك خطابان:
الاول، يروج له محيط الملك في الصالونات، مفاده أن ‘النظام الهجين’ لم يعد ينفع، وان النموذج الصيني هو الحل. أي المزيد من السلطوية من أجل تحقيق الازدهار الاقتصادي ولتذهب شعارات الديمقراطية وغيرها إلى رفوف المكتبات..
لهذا بدأنا نشهد نوعا من “البولسة” سكر زيادة، من خلال الاعتقالات السياسية واعتقالات الصحفيين، والتشديد على الهيئات الحقوقية والتنظيمات السياسية التي تنشط خارج اللعبة.. بل إننا بتنا بصدد نوع من “الهتلرة” التي تتجلى بشكل كبير في التضخيم والبهرجة التي أعقبت مسألة الراية، وكأن المخزن يبحث عن صناعة “عدو” جديد، على حد تعبير “بيير كونيسا”، أو خطر محدق كما نظر لذلك “كارل شميث” في نظيرة التضاد التي ألهمت هتلر بشكل لم يعد يخفى على أحد.
الخطاب الثاني هو الداعي إلى الديمقراطية، غير أنه بالكاد يُسمع وسط ضجيج الطاحونة البوليسية التي تشتغل ببنزين ميزان القوة، إلى حين…
*إعلامي وباحث مغربي.