الصحافة _ كندا
أكد سفير المغرب بالولايات المتحدة، يوسف العمراني، أن المبادرة الأطلسية التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس ليست مجرد تصور دبلوماسي عابر، بل مشروع استراتيجي عميق يهدف إلى إعادة هندسة الفضاء الأطلسي الإفريقي وتحويله من مجال مجزأ ومفتوح على المخاطر إلى قطب جيوسياسي مندمج، قائم على الاستقرار والربط وخلق الفرص.
وأوضح العمراني، خلال جلسة نقاش رفيعة المستوى احتضنتها الرباط في إطار “الحوارات الأطلسية”، أن الرؤية الملكية تنطلق من قناعة مركزية مفادها أن الأمن والتنمية لا يمكن فصلهما، وأن أي بناء إقليمي فعال يمر بالضرورة عبر وضوح السيادة وحكامة القرار. وفي هذا السياق، شدد على أن المبادرة الأطلسية تمنح لإفريقيا واجهتها الأطلسية لأول مرة إطاراً استراتيجياً متكاملاً، يجعل منها فضاءً للاستشراف بدل أن تظل مجرد مجال للتنافس الدولي.
وسجل الدبلوماسي المغربي أن الاستقرار يشكل حجر الأساس في هذه الرؤية، معتبراً أن القرار الأممي 2797 حول الصحراء المغربية يمثل لحظة مفصلية، ليس فقط على مستوى النزاع الإقليمي، بل على صعيد الحوض الأطلسي برمته، لأنه يرسخ مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل وحيد وواقعي، ويوفر الوضوح السياسي الضروري لإطلاق مشاريع كبرى ذات بعد إقليمي وقاري.
وفي هذا الإطار، أبرز العمراني أن المبادرة الأطلسية ترتكز على مشاريع مهيكلة تعيد رسم خريطة الربط جنوب–جنوب وشمال–جنوب، من بينها ميناء الداخلة الأطلسي، والممر الأطلسي الرابط بين الداخلة ومنطقة الساحل، ومركب طنجة المتوسط، إضافة إلى أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي، والممرات الطاقية الجديدة المرتبطة بالانتقال الأخضر. وهي مشاريع، بحسبه، لا تخدم فقط المصالح المغربية، بل تؤسس لاندماج إفريقي حقيقي في سلاسل الطاقة والتجارة العالمية.
وأكد أن هذه الدينامية تعكس تحولا نوعيا في موقع إفريقيا داخل النظام الدولي، حيث لم تعد القارة موضوعا للتجاذبات، بل فاعلا يسعى إلى امتلاك أدواته الجيوسياسية والاقتصادية، عبر شراكات متوازنة وقرار سيادي مسؤول. كما شدد على أن الابتكار بات عنصرا حاسما في هذه الرؤية، سواء في مجال الطاقة أو الأمن الغذائي أو مواجهة التغيرات المناخية، معتبرا أن التحديات العابرة للحدود تفرض نماذج تعاون جديدة تتجاوز المقاربات التقليدية.
وختم العمراني بالتأكيد على أن المبادرة الأطلسية الملكية تضع إفريقيا الأطلسية في قلب معادلة التوازنات العالمية، باعتبارها قوسا جيواستراتيجيا يربط الساحل بإفريقيا الغربية، ويصل القارة بالأمريكيتين وأوروبا، ويمنحها دورا متقدما كفاعل بحري وطاقي وأمني صاعد، قادر على فرض موقعه داخل نظام دولي سريع التحول.














