الصٌَحافة _ إبراهيم السماني
المساجد بيوت الله الطاهرة فيها منابر للخطباء والدعاة إلى الله من أجل التقويم والإرشاد في مجال الدين.
المفروض أن تكون مساجد الله مستقلة في مجال التوعية الدينية والإرشاد دون تدخل الجهات التي لا علاقة لها بمجال الدعوة الإسلامية.
لكن سياسة الرقابة الشديدة على دعاة المساجد أصبحت مفروضة على كل من يصعد إلى المنبر في بلد يهتف بمؤسسة إمارة المؤمنين التي من المفروض أن تحمي الدين ودعاته، وليس العكس الذي نراه بوضوح من خلال مواقف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ضد كل من يجهر بالحق للدفاع عن حرمات المسلمين.
نجد أيضا ظاهرة التضييق على المساجد التي أصبحت مفضوحة جدا في جل مناطق المغرب، حيث تم منع الاعتكاف في العشر الأواخر من شهر رمضان ، مع العلم أن الاعتكاف سنة مؤكدة كان يواظب عليها رسول الله وصحابته دائما ولا ضرر فيها.
لكن تم التدخل من رجال الأمن لإخراج المعتكفين بالقوة تنفيذا للتعليمات دون أي سبب معقول لهذا الطردالتعسفي من داخل المساجدضد مسلمين أرادوا التقرب إلى الله باتباع سنة نبيهم.
تم كذلك توقيف عدد من الخطباء لمجرد أنهم يتكلمون علن قضايا الناس، ولمجرد أنهم انتقدوا فقط الفحش والتبذير الكبير للأموال الضخمة في مهرجان موازين الذي لا فائدة منه.
الهدف من هذا المهرجان هو ابتزاز الشركات العامة والخاصة وذلك بدفع الأموال من أجل تمويل مهرجانيشجع على العهر والمجونلمسخ أخلاق شبابنا وبناتنا.
مهرجان موازين خصصت له الدولة اهتماما بالغا وحوالي 5000 من رجال الأمن لرعايته والسهر على أمنه، كما تم توفير أكثر من 100 حافلة للنقل وإجراءات أخرى لدعم وإنجاح هذا المهرجان السنوي.
لماذا كل هذا الاهتمام بأي بادرة تشجع على الفسق والعهر في بلدنا؟
بينما مؤخرا تم التهجم بكل حرية على المصلين في صلاة التراويح ووصفهم بأقبح الصفات ، ونجد كثيرا ممن يتبجحون بالحرية المتجاوزة للحدود الشرعية الذين يسبون مقدسات المسلمين قد تجاوزوا كل الحدود في سب نبينا دون أن يتكلم معهم أي مسؤول في هذا الشأن.
كل هؤلاء الذين يشنون حملات شرسة ضد ديننا ومقدسات المسلمين لا يتعرضون لأية محاكمة أو محاسبة على كل هذه الانتهاكات التي تمارس عن قصد لاستفزاز مشاعر المسلمين وزرع الفتنة بينهم.
بينما نرى بوضوح المضايقات التي تعرض لها بعض الدعاة المخلصين، والاستدعاءات المتتالية لأجهزة الأمن الاستخباراتية ضدهم، كل هذا من أجل تخويفهم وتلفيق تهم لا أساس لها من الصحة ضدهم، حتى يتم إسكاتهم عن قول كلمة الحق والدفاع عن دينهم الذي لا مساومة فيه أبدا.
أصبح الآن كل داعية يوجه الناس ويربيهم يتهمونه بالإرهاب والتطرف، بينما نجد الصمت المطلق على كل الفعاليات التي تدعو إلى الحرية الجنسية وحاملو شعار صايتي حريتي، كذلك السكوت التام على القبلات أصحاب الشذوذ الجنسي وغيرهم التي تمت في الشارع العام أمام أعين الناس بين دون ردع لهذه السلوكات المرفوضة في مجتمعنا الإسلامي ، ودون أي اعتبار لمشاعر المسلمين.
هناك من استغل مفهوم الحداثة وذلك بتوسيع مجالاتها فيما يضر بمجتمعنا وقيمنا الإسلامية، حتى أصبحنا نرى بعض الحقوقيين وفعاليات المجتمع المدني يدافعون عن كل من ينشر العهر والشذوذ وجميع مظاهر الفساد، بل أصبح يتم تكريم سقطة الفن وإعطائهم حتى الأوسمة الملكية، بينما الفنانون الملتزمون يزداد وضعهم سوء ويعانون من فقدان أبسط حقوقهم الاجتماعية والصحية.
كذلك أصبح كل من هب ودب يتكلم عن الدين بغير علم ويهاجم أئمتنا بشكل استفزازي غير مقبول ولا مبرر له.
تم أيضا فتح المجال للجهلاء بالتهجم على رموز ديننا والكتب المعتمدة لأمتنا الإسلامية التي هي من الأصول المعتبرة مثل صحيح البخاري الذي هو أصح كتاب بعد كتاب الله مباشرة بإجماع علماء الدين قديما وحديثا ، والذي هو من الثوابت الأساسية لهذه الأمة.
أين هو الإنصاف يا من تدعون الإنصاف؟
الإنصاف والعدل يظهر في كيفية التعامل مع قضايا الشعب والتمييز العادل بين من يريد الخير والإصلاح عن من يريد تدمير الأسر والمجتمعات من خلال نشر كل ما يدعو إلى الفسق والفجور ومحاربة القيم الثابتة في قلوب الفضلاء والأخيار.
نحن نتساءل باستغراب : لماذا يتعرض أئمتنا ودعاتنا للتضييق والإقصاء في مجال التوعية السياسية والاجتماعية؟
لماذا نرى ونسمع كل من يدافع عن الدين ينعت بأقبح الصفات ويتهم بأسوأ التهم؟
إذا كنا حقا في دولة إمارة المؤمنين فيجب على الأقل الاهتمام بعلمائنا وتكريمهم، كذلك عدم إقصائهم من الندوات واللقاءات التربوية التي نحن جميعا في أمس الحاجة إليها.
نرجو من أعلى سلطة في البلاد ووزارة الأوقاف أن يغيروا أساليبهم اتجاه مساجد الله ورد الاعتبار لأئمتنا وعلمائنا دون إهانتهم ولا تشديد التضييق عليهم.
نرجو كذلك من كبار المسؤولين أن يراجعوا أوراقهم وسياستهم القمعيةالممنهجة ضد كل من يسعون جاهدين إلى إصلاح مجتمعاتنا وتعليمنا قبل أن نصل إلى حالات ونتائج لا تساهم في النهوض بشعبنا إلى التقدم والرقي الصحيح الذي نطمح إلى تحقيقه نحن جميعا.
يجب تحقيق مصالحة حقيقية بين المؤسسة الملكية وجميع فئات الشعب وذلك باسترداد حقوق المغاربة وكرامتهم حتى يتم تفعيل هذه المصالحة على أرض الواقع عن طريق تطهير الوطن من جميع أشكال وصور الفساد الذي يهدد مسارنا الإصلاحي في بناء الوطن.