المؤسسات مشلولة وأخنوش غائب والمجالس لا تُعقد

10 يونيو 2025
المؤسسات مشلولة وأخنوش غائب والمجالس لا تُعقد

الصحافة _ كندا

منذ ثلاث سنوات، والبلاد تشهد مؤسسات استراتيجية تعمل بنصف قدرتها أو بالكاد، تعيش حالة من الترقب والجمود. ليس بسبب نقص في القوانين، ولا لضعف في الكفاءات أو الموارد، وإنما لأن عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، غائب. غائب عن الاجتماعات، غائب عن قرارات التسيير، وغائب عن رئاسة مجالس الإدارة التي يُلزم بها القانون بشكل صريح.

القانون واضح لا لبس فيه. مجلس الإدارة ليس ترفاً ولا خياراً سياسياً، بل هو الهيئة العليا التي تحدد التوجهات، وتصادق على الميزانيات، وتتابع التنفيذ، وتُحاسب المسؤولين. ومع ذلك، فإن رئيس الحكومة يتعامل معه وكأنه أمر ثانوي لا يستحق الجهد أو الحضور. الكرسي مفرغ من معناه، والمؤسسات تترنح تحت وطأة الإهمال.

المراكز الجهوية للاستثمار، التي يُفترض أن تكون رافعة التنمية في مختلف جهات المملكة، لم تشهد أي اجتماع لمجالس إدارتها منذ تولي أخنوش رئاسة الحكومة. المفارقة أن الحكومة الحالية نفسها كانت قد سعت جاهدة لسحب هذه المراكز من وصاية وزارة الداخلية لتضعها تحت سلطة رئيس الحكومة بدعوى تعزيز الفعالية والنجاعة، لكن النتيجة كانت التجاهل التام.

أما الصندوق المغربي للتقاعد، فقد أصبح غارقاً في العجز، وسط توقعات بنضوب احتياطاته في أفق عام 2030. وبرغم خطورة الوضع، لم يجد أعضاء مجلس إدارته وسيلة سوى توجيه عريضة لرئيس الحكومة يدعونه فيها لحضور اجتماع يُعد الأول له خلال ولايته، لمناقشة محاور استراتيجية ترتبط بمستقبل معاشات آلاف الموظفين. ومع ذلك، قوبلت الدعوة بالصمت.

وفي قطاع الاتصالات والتكنولوجيا، تتكرر المأساة. الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، التي من المفروض أن تشرف على إطلاق تراخيص الجيل الخامس وتوسيع شبكة الألياف البصرية، لم تُفعّل لأن رئيس الحكومة لم يترأس مجلس إدارتها ولو مرة واحدة. خارطة الطريق الرقمية التي تبنتها الحكومة نفسها أصبحت بلا جدوى، لأنها تنتظر تفعيلًا لا يأتي، وإرادة سياسية غائبة.

حتى صندوق محمد السادس للاستثمار، الذي أُحدث لإنعاش الاقتصاد الوطني بعد أزمة الجائحة، لا يزال معطلاً. ومثله الوكالة الوطنية لتدبير مساهمات الدولة، التي أُنشئت لإصلاح القطاع العام. كلا المؤسستين تعانيان من الجمود ذاته: غياب رئاسة الحكومة عن تفعيل الهيئات المسؤولة.

وليس هذا مجرد استنتاج صحفي أو قراءة إعلامية، بل هو ما أكدته تقارير المجلس الأعلى للحسابات في أكثر من مناسبة، مطالباً بتفعيل المجالس الإدارية واحترام النصوص القانونية المؤطرة لعملها. لكن هذه التوصيات تُكرر دون أن تجد صدى، وتُدرج في التقارير عاماً بعد عام دون أثر ملموس.

وحتى قطاع الطاقة، الذي يمثل ركيزة استراتيجية في مستقبل البلاد، لم يسلم من هذا الإهمال. المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب لم يعقد سوى 5 اجتماعات من أصل 28 كان من المفترض عقدها بين 2015 و2023، في مؤشر صارخ على غياب التتبع والرقابة والتوجيه.

ما يحدث ليس خللاً عارضاً، بل شلل مؤسساتي حقيقي. مؤسسات الدولة تُدار بلا توجيه، والقرارات تُؤجل إلى أجل غير معلوم، والمجالس القانونية تحوّلت إلى كراسي فارغة تنتظر رئيس حكومة لا يأتي. هذه ليست أزمة تدبير فحسب، بل أزمة مسؤولية، وأزمة ثقة، وأزمة احترام للدولة ومؤسساتها.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق