العزوف الانتخابي.. المرآة التي تعكس عجز الأحزاب!

28 أغسطس 2025
العزوف الانتخابي.. المرآة التي تعكس عجز الأحزاب!

الصحافة _ كندا

كل المؤشرات المسربة حتى الآن من مذكرات الأحزاب السياسية الموجهة إلى وزارة الداخلية، تكشف أن الخوف الأكبر ليس في تدبير يوم الاقتراع أو تفاصيل القوانين التنظيمية، بل في حجم العزوف الشعبي المتوقع خلال استحقاقات 2026. البعض داخل المشهد الحزبي نفسه لا يتردد في وصفه بـ”الكارثي”، لكون المزاج العام اليوم لا يوحي بأي استعداد جماهيري للتصالح مع صندوق الاقتراع بعد خمس سنوات من الخيبات المتراكمة.

السؤال الجوهري يظل: ماذا ستقدمه الأحزاب هذه المرة ليجد الناخب سبباً وجيهاً للذهاب إلى مكاتب التصويت؟ هل ستجدد نخبها وتقطع مع الوجوه المستهلكة التي لم تفعل سوى تعميق الهوة بين المواطن والسياسة؟ أم ستواصل تدوير نفس الأسماء، مع جرعة زائدة من المال الفاسد الذي فقد مفعوله ولم يعد قادراً على شراء الثقة أو تزوير الإرادة؟

الواقع أن الأحزاب اليوم مطالبة بأن تبحث عن وصفة لإنقاذ حياة سياسية أفسدتها سياسات عمومية عقيمة، وأفسدتها أكثر عملية انتخابية تحولت في كثير من الأحيان إلى بورصة للزبونية والولاءات العائلية. لقد صار البرلمان في نظر جزء من الرأي العام مجرد “مزار عائلي” تتوزع فيه المقاعد بين الزوج والزوجة والابن والقريبة، بدل أن يكون مؤسسة وطنية تعكس تمثيلية حقيقية للشعب. أما لوائح الكوطا، التي كان يفترض أن تفتح المجال أمام الشباب والنساء لإضفاء نفس جديد، فقد تحولت إلى فضاءات مغلقة يحتلها “الأقربون” و”المحظوظات”.

قد يقول البعض إن تحميل المسؤولية للأحزاب وحدها ظلم، وإن المناخ العام أوسع من إرادتها، وأن جزءاً من الترتيبات السياسية الكبرى فُرض عليها بغاية محاصرة تيارات معينة، حتى لو تم ذلك على حساب مصداقية المسلسل الديمقراطي نفسه. لكن حتى مع التسليم بهذا المعطى، فإن أحداً لم يجبر الأمناء العامين على تفضيل العائلة على الكفاءة، ولا على خنق الطاقات الشابة داخل التنظيمات، ولا على فتح الباب أمام “مول الشكارة” ليحل محل المناضل الحقيقي.

اليوم، يقف المغرب على عتبة استحقاق حاسم، ليس لأنه سيأتي بأغلبية جديدة أو بوجوه مختلفة، بل لأنه سيقيس درجة ما تبقى من ثقة المواطنين في السياسة. فإذا واصلت الأحزاب نهجها الحالي، فإن الخطر لن يكون فقط في نسبة عزوف مرتفعة، بل في تحول هذا العزوف إلى ما يشبه “مقاطعة صامتة” تُفرغ الانتخابات من معناها.

إن الرسالة التي ينبغي أن ترددها الأحزاب لنفسها، قبل أن تسمعها من الشارع، هي كلمة واحدة: كفى. كفى من تدوير نفس النخب، كفى من تحويل السياسة إلى غنيمة، وكفى من الاستخفاف بعقول المغاربة. فما تبقى من رصيد الثقة ضئيل، وما بقي من وجه تقابل به الأحزاب مواطنيها لا يحتمل المزيد من العبث.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق