الصحافة _ كندا
كشف تقرير صادر عن منظمة “غرينبيس” عن المخاطر المرتبطة بالنموذج الطاقي الذي يعتمده المغرب، حيث يركز بشكل كبير على تصدير الطاقات المتجددة لصالح الأسواق الأوروبية، على حساب تلبية الحاجيات المحلية. التقرير، المعنون بـ**”إنهاء النموذج الاستخراجي ضرورة ملحة”**، اعتبر أن هذه السياسة تكرس تبعية اقتصادية جديدة، وتعمّق الأزمة البيئية والاجتماعية داخل البلاد.
وبحسب التقرير، فإن المغرب ومصر يعتمدان نموذجًا طاقيًا قائمًا على الاستثمار الأجنبي الموجه نحو التصدير، حيث يتم ضخ رؤوس أموال أوروبية ضخمة في مشاريع الطاقات المتجددة، لا سيما الهيدروجين الأخضر، بهدف تأمين الإمدادات الطاقية للدول الأوروبية، بينما يظل الأمن الطاقي الداخلي هشًا وغير مضمون. فرغم الإمكانيات الكبيرة التي يتمتع بها المغرب في مجال الطاقة الشمسية والريحية، فإن السياسات الطاقية الحالية لا تساهم في تعزيز الاستقلالية الطاقية للمملكة، بل تضعها في خدمة الطلب الخارجي.
وحذر التقرير من تداعيات بيئية واجتماعية خطيرة، على رأسها استنزاف الموارد الطبيعية، خاصة المياه، التي يتم استغلالها بشكل مكثف في مشاريع الطاقة المتجددة الضخمة، مما يزيد من أزمة ندرة المياه التي يعاني منها المغرب. كما أشار إلى التأثيرات السلبية لهذه المشاريع على الأراضي الزراعية والنظم البيئية، مما يهدد الأمن الغذائي ويؤثر على قدرة السكان المحليين على الاستفادة من هذه الاستثمارات.
من بين المخاطر الأخرى التي سلط عليها التقرير الضوء، تعميق الفوارق الاجتماعية والاقتصادية بسبب تركز الاستثمارات في مناطق معينة دون أن تنعكس إيجابًا على المستوى المعيشي للسكان المحليين، إضافة إلى تكريس التفاوت بين الجنسين، حيث تفتقر هذه المشاريع إلى رؤية تأخذ بعين الاعتبار التأثيرات الاجتماعية على الفئات الهشة. كما أشار التقرير إلى أن استمرار الاعتماد على الاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقات المتجددة يبقي المغرب رهينة المصالح الأوروبية، مما يحد من قدرته على تحقيق تحول اقتصادي مستدام يخدم احتياجاته الوطنية.
وفي مواجهة هذه التحديات، دعا التقرير إلى مراجعة جذرية للسياسات الطاقية في المغرب، والتوجه نحو نموذج اقتصادي أكثر عدالة واستدامة، يركز على تلبية الطلب الداخلي قبل التصدير، ويضمن تحقيق السيادة الطاقية بدل الارتهان للمصالح الخارجية. كما شدد على ضرورة تبني سياسات تحافظ على الموارد البيئية وتراعي العدالة الاجتماعية، مشيرًا إلى نماذج اقتصادية بديلة مثل “اقتصاد الكفاية” في تايلاند و”البوين فيفير” في الإكوادور وبوليفيا، والتي تركز على تقليل الاستهلاك المفرط وتحقيق تنمية متوازنة وشاملة.
التقرير يؤكد أن التحول إلى نموذج طاقي أكثر إنصافًا لم يعد رفاهية، بل بات ضرورة ملحة لضمان استدامة الموارد وحماية المصالح الوطنية. استمرار المغرب في النهج التصديري الحالي قد يؤدي إلى تفريط في سيادته الطاقية لصالح الأسواق الأوروبية، مما يجعل مراجعة هذه السياسات خطوة حتمية لحماية مستقبل الأجيال القادمة.