الصحافة _ كندا
استنفرت سحوبات بنكية غير مبررة من حسابات مقاولات ومسيرين مصالح المراقبة بالمديرية العامة للضرائب، بعدما كشفت تحريات حديثة عن محاولات تحايل واسعة لتهريب أموال مستحقة لفائدة الخزينة، بعيدًا عن رادارات التحصيل الجبائي.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن عدداً من هؤلاء المتهربين كانوا تحت طائلة مساطر مراجعة ضريبية، ودخل بعضهم في مفاوضات مع لجان محلية لتأجيل الأداء الإجباري، في حين استُخدمت الحسابات البنكية كوسيلة لتفريغ الذمم من الأموال المستحقة.
وتزامن هذا النزيف مع حملة مراقبة واسعة شملت آلاف الشركات المصنّفة سابقًا ضمن فئة “غير النشيطة”، والتي لم يسبق لها أن قدّمت أي تصريح جبائي، رغم العثور على فواتير تحمل رقمها الضريبي، ما يؤكد نشاطها الفعلي.
المراقبون الجبائيون فعّلوا قنوات تبادل المعطيات الرقمية مع إدارات عمومية أخرى، لرصد الممتلكات والعقارات في حوزة هذه المقاولات ومسيريها، تمهيدًا لإجراءات الحجز والتنفيذ، في وقت تم فيه ضبط صفقات عمومية أُبرمت مع شركات لم تُدلِ بأي تصريح ضريبي، ما طرح تساؤلات حادة حول شفافية مساطر التعاقد العمومي.
وأكدت المصادر أن النظام المعلوماتي الحديث ساعد بشكل كبير في تعقّب المشتبه فيهم، بفضل مؤشرات التنبيه التلقائي خلال فحص التصريحات الإلكترونية، مما مكّن من تحديد حالات تملص وغش ضريبي كانت تمرّ سابقًا تحت الرادار.
التحقيقات امتدت لتغطية عشر سنوات من النشاط غير المصرّح به، وبلغت قيمة الضرائب المحصّلة حتى الآن أزيد من 867 مليون درهم، فيما لا تزال مساطر التحصيل سارية، مع احتساب ذعائر تصل إلى 5٪ عن الشهر الأول و0.5٪ عن كل شهر إضافي.
هذه السحوبات العشوائية أثرت أيضًا على توازن السيولة البنكية، حيث سجّل متوسط العجز نسبة 12.2٪ ليبلغ 135.6 مليارات درهم، ما دفع بنك المغرب إلى رفع تسبيقاته إلى 53.4 مليارات درهم، رغم مضاعفة توظيفات الخزينة.
المعطيات تكشف عن واقع مقلق في العلاقة بين التملص الضريبي والاختلالات المالية، وتعيد إلى الواجهة الحاجة إلى صرامة أكبر في مراقبة المعاملات وربط الصفقات العمومية بالإبراء الضريبي الإجباري.