الصحافة _ كندا
جاء افتتاح المركب الرياضي مولاي عبد الله بالرباط ليجسد بوضوح قدرة المغرب على الوفاء بالتزاماته في ورش البنيات التحتية الكبرى استعداداً لتنظيم كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030 رفقة إسبانيا والبرتغال. لكن خلف لحظة الفخر تلك، الممهورة بالتحية المؤثرة التي خص بها ولي العهد مولاي الحسن العمال الذين أنجزوا المعجزة، يطفو سؤال جوهري: هل يليق أن تُختزل الرياضة الوطنية في كرة القدم وحدها؟
الرياضة اليوم لم تعد مجرد فرجة أو ترف ثالث، بل أضحت دبلوماسية ناعمة بامتياز، ورافعة اقتصادية واجتماعية تنتج الثروة وتخلق فرص الشغل. غير أن هذا الدور الاستراتيجي يصطدم بواقع متناقض: كرة القدم تعيش طفرتها، بينما باقي الأصناف الرياضية، خصوصاً الفردية والدفاعية، ظلت حبيسة العشوائية، غياب الرؤية، واستنزاف المال العام دون حصيلة تُذكر.
منذ مناظرة الصخيرات سنة 2008، التي هزت الوسط الرياضي برسالة ملكية قوية فضحت غياب الحكامة واستغلال الجامعات لأغراض شخصية، لم يتحقق سوى القليل. صحيح أن القانون 30.09 جاء بمقتضيات رائدة كالتداول الديمقراطي وتمثيل النساء والحد من عدد الولايات، لكن واقع الحال أن رؤساء خالدين ما زالوا يتربعون على جامعات رياضية منذ أكثر من عقدين، دون نتائج تليق بطموحات المغرب أو تبرر استمرارهم.
الرياضة المغربية حصدت منذ 1960 خمساً وعشرين ميدالية أولمبية فقط، جلها في ألعاب القوى التي تعيش بدورها تراجعاً مخيفاً. بينما جامعات أخرى تحولت إلى أجهزة بيروقراطية تقتات على الدعم العمومي ورسوم الانخراط، بلا رؤية أولمبية ولا تخطيط استراتيجي.
المشهد اليوم بات مرسوماً بسرعتين: كرة قدم تستثمر الزخم الشعبي والرسمي وتحقق حضوراً قارياً ودولياً، مقابل رياضات فردية تائهة، فقدت البوصلة وضاعت في فوضى التدبير.
وليس من المقبول أن يختبئ الفاشلون خلف إنجازات أسود الأطلس، أو أن يُقدَّم وهج كرة القدم كدليل على نجاح الرياضة المغربية برمتها. الحقيقة أن الرياضة الوطنية تعيش مفارقة صارخة: نجاح مدوٍّ في صنف واحد، مقابل إخفاقات متتالية في باقي الأصناف التي كان يمكن أن تشكل، لو حظيت بالاهتمام، رافعة وطنية إضافية للفخر والانتماء.