الدكاكين الحزبية بين موسمية الوعود وتغييب التأطير السياسي

8 يوليو 2025
A man walks past a wall on which are painted the symbols of some of the political parties running for the upcoming elections in the Moroccan capital Rabat, on August, 2021. - The electoral campaign for the legislative, regional and municipal elections set for September 8 began today, a day when nearly 18 million Moroccans, are called to vote to elect the 395 deputies of the House of Representatives and the more than 31,000 municipal and regional elected officials, (Photo by FADEL SENNA / AFP)

الصحافة _ كندا

مع اقتراب الاستحقاقات التشريعية لسنة 2026، بدأت بعض الأحزاب المغربية، كعادتها، تُخرج من جعبتها أوراقاً انتخابية مكرورة، تبدأ بكراء شقق في الأحياء الشعبية وتحويلها إلى “مقرات مؤقتة”، تُزيَّن بمنشورات براقة، وتُجهّز ببضع طاولات وكراسي، في مشهد يفضح هشاشة العلاقة بين العمل الحزبي والمواطن. مقرات تُفتح على عجل وتُغلق على عجل، في دورة موسمية لا تحترم ذكاء الناخب، ولا تستوعب المعنى الدستوري لمفهوم “الحزب السياسي”.

في هذه المقرات المؤقتة، يُنصّب “مرشح الحي” باعتباره المخلّص المنتظر، رجل غني غير طامع، قدم من موقع “الغيرة على الوطن” ليحمل همّ الفقر والتهميش والبطالة وغياب المرافق الأساسية، في خطاب يستجدي العاطفة ولا يقدم رؤية. يُروَّج له باعتباره رجل المرحلة، صاحب “الشكارة” والأمل، فيما الغرض الحقيقي هو تجديد مقعد انتخابي أو تحقيق صفقة سياسية باسم المعاناة اليومية للمواطنين.

لكن مع ليلة النتائج، يعود كل شيء إلى ما كان عليه: تُحمل الكراسي والطاولات في جنح الظلام، وتُطوى صفحة الدكاكين الحزبية، ويختفي أصحابها كما اختفت معهم الوعود، في دورة عبثية تُعيد إنتاج اللامعنى، وتُعمق فجوة الثقة بين المواطن والسياسة.

هذا السلوك الموسمي والمبتذل لا يليق بأحزاب من المفترض أنها فاعل دستوري مركزي، نص الفصل السابع من دستور 2011 على أنها مسؤولة عن تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي، وتعزيز مشاركتهم في الشأن العام، والمساهمة الفعلية في الحياة الوطنية والديمقراطية.

لكن الواقع يُظهر أن كثيراً من الأحزاب تخلّت عن دورها، وتحوّلت إلى وسيلة انتخابية صرفة، تُبعث قبيل كل اقتراع، لتختفي بعده. بل وصل الأمر إلى أن بعض البرلمانيين، بعد فوزهم، يُطفئون هواتفهم أو يُبقونها تعمل دون ردّ، في سلوك لا يمتّ لا للسياسة النبيلة ولا للمسؤولية الأخلاقية بصلة.

لا شك أن هناك استثناءات، وأحزاباً تحترم التزامها السياسي، وتبقي فروعها مفتوحة، وتحرص على نقل قضايا المواطنين للمؤسسات، لكنّ الصورة العامة تظل قاتمة، تعكس غياب التأطير، وتغذي العزوف السياسي، خصوصاً في أوساط الشباب.

تكرار هذه الممارسات دون مساءلة، يفرغ الديمقراطية من مضمونها، ويحول الانتخابات إلى لحظة عبور ظرفية، بدل أن تكون موعداً لتجديد الثقة وبناء الأمل. والمطلوب اليوم ليس فقط إصلاح القوانين الانتخابية، بل إعادة الاعتبار للفعل الحزبي، وربط التمثيل بالمحاسبة، والوعود بالوفاء، والهوية السياسية بالمصلحة العامة، لا بالمناسبات الانتخابية.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق