الصحافة _ مصطفى طه
تلعب مؤسسات التعليم العتيق بالمغرب، دورا مهما وفعالا، في تحصين المجتمع المغربي، والحفاظ على توابثه الدينية، وهويته التاريخية والحضارية، وتعليم، يتميز بالوسطية والاعتدال والتسامح، واحترام الاخر، بالإضافة إلى روح الوطنية الحقيقية، والتكوين النافع، وطلب العلم، في أوسع افاقه، باعتبار هاته المؤسسات علمية وثقافية.
فمؤسسة الإمام الشاطبي للتعليم العتيق، تشرف عليها جمعية الصفاء الاجتماعية والثقافية للتنمية، تقع بضواحي مدينة الدروة التابعة ترابيا لإقليم برشيد، ضمن جهة الدار البيضاء ـ سطات، وهي واحدة من المعالم الحديثة، التي تهتم وتعنى بتدريس أصول الحديث، والفقه، وعلوم القرآن، وكانت بداية تشييدها سنة 2015 ، وانتهت أشغال المشروع، خلال هذه السنة، بمبادرة خيرية، من طرف أعيان الإقليم المذكور، باقتناء بقعة أرضية، مساحتها الاجمالية، وصلت الى 5588 متر مربع موضوع الرسم 54318/ 53 ، بالإضافة إلى عملية البناء بما مجموعه تقريبا 14.000.000 درهم.
وصلة بالموضوع، صرح أحمد النائر، رئيس جمعية الصفاء الاجتماعية والثقافية للتنمية، حاملة المشروع ، لجريدة الصحافة الالكترونية، أن انشاء مؤسسة الإمام الشاطبي للتعليم العتيق ، وترجمة الفكرة على أرض الواقع ، جاءت بهدف خيري ، لتكوين أجيال الحاضر والمستقبل، ونشر العلوم الشرعية الصحيحة، خاصة وأن المواطن ، بدأ يختلف فهمه للدين عموما، وأفاد نفس المتحدث ، أن الهدف الرئيسي والأسمى ، من تشييد هذه المعلمة، هو تحفيظ القرآن الكريم ، وكيفية التعامل معه ، وفهمه فهما صحيحا ، والعمل به ، في جانب السلوكيات والأخلاق الحميدة، والمساهمة في تخريج جيل من طلبة ، يجمعون بين الوسطية في الدين ، والتوازن في الشخصية، متشبثين بالثوابت الوطنية.
وأضاف رئيس الجمعية المذكور، أنه سيتم التدريس بالمؤسسة، العلوم الشرعية، كالفقه والحديث والتفسير، وكذلك اللغة العربية، من صرف ونحو، إلى جانب المواد العلمية، من رياضيات والنشاط العلمي، واللغات الأجنبية كالفرنسية، على اعتبار أنها مدرجة، ضمن مقرر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بالتعليم العتيق، في السلك الابتدائي.
وصلة بالموضوع، أكد أحمد نائر، أن الهدف من ذلك، هو أن يشترك، طالب التعليم العتيق، مع تلميذ المدرسة العمومية، في الاستفادة من نفس البرامج والمقررات المدرسية، وكما جاء على لسان محدثنا، أن المسار الدراسي لطالب التعليم العتيق، بمؤسسة الإمام الشاطبي، لا ينتهي في المستوى الابتدائي، بل سيستمر تكوينه، بالسلك الاعدادي والثانوي، مع تمكين، خريجيه من الحصول على شهادات وطنية، تفتح أمامهم آفاقا علمية، لإتمام مسارهم الدراسي بالجامعة، وكذلك وجهة مهنية، بطريقة تؤدي إلى ادماجهم في الحياة العامة.
وأوضح الناشط الجمعوي، أن المؤسسة سالفة الذكر، تهدف إلى إجادة حفظ القرآن الكريم، لتطوير العلوم والمعارف الإسلامية، لما ستقوم به، من دور فعال وكبير، في الدفاع عن العقيدة، ونشر تعاليم الإسلام السمحة والمحافظة على الهوية، والأصالة المغربية، وذلك، وفق استراتيجية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، التي تروم اصلاح هذا التعليم، ومراجعة برامجه ومناهجه، و اتخاذ جميع التدابير والإجراءات، وتحديد القرارات الكفيلة، بتحقيق تأهيل أمثل، يمكنه الاندماج، في المنظومة الوطنية للتربية والتكوين، والاستفادة من المكتسبات التربوية، في هذا الميدان، بالإضافة إلى تكوين، أطر تربوية وإدارية محترفة، متميزة بالأمانة، متحلية بالأخلاق، والمساهمة في تطوير التعليم العتيق، وفق توجهات الجهات الوصية، وتحقيق الجودة في التدريس وفق رؤية تربوية واضحة ومنهج قويم، زيادة على الارتقاء بخدمة العلوم الشرعية إلى الأحسن.
وشدد الفاعل الجمعوي ذاته، أن مؤسسة الامام الشاطبي للتعليم العتيق، التمويل الوحيد الذي تستفيد منه، من أجل تسيير هذا المرفق، يتحدد، في الهبات التي يداوم على منحها، بعض أثرياء ومحسني، إقليم برشيد، هذا من جهة.
من جهة ثانية، فالمؤسسة المذكورة، المشيدة حديثا، تشمل 12 حجرات دراسية وقاعات كبرى مخصصة لحفظ القرآن الكريم، ومختبرات ومدرجات للندوات، ومطعما داخليا، وملعب متوسط لكرة القدم، وسيستفيد منها، وفق الدراسة التوقعية، خلال خمس سنوات الأولى، 250 طالب، من فئات الأيتام والعموم، من إقليم برشيد والاقليم الأخرى، تحت إشراف، طاقم تربوي، يتكون من 37 موظف، كما تضم غرف النوم بالنسبة للذكور القاطنين خارج مدينة الدروة، ومرافق صحية، وحمامات تجود صنابيرها بالماء الساخن، بالإضافة الى مقر اداري، تسهر جمعية الصفاء الاجتماعية والثقافية للتنمية، على تدبيرها وتسييرها، من مأكل، ومشرب، و إيواء، ومبيت، بالنسبة للذكور.
تجدر الإشارة، أن أحمد النائر، وكما جاء على لسانه، فمؤسسة الإمام الشاطبي، تهدف إلى ريادة مدارس التعليم العتيق، على الصعيد الوطني، والانفتاح على علوم العصر، بالإضافة إلى تكوين جيل مستقبلي، متوفرا على زاد علمي ثقيل، من كتاب الله وعلومه.