الصحافة _ كندا
تتسارع الاستعدادات في بنك المغرب لإطلاق عملة رقمية وطنية، لن تكون مجرد نسخة إلكترونية من الدرهم الورقي، بل مشروع سيادي متكامل يهدف إلى إعادة تعريف مفهوم النقود وتكريس سيطرة الدولة على دورة الأموال، وفق ما كشفه موقع “ويبدو” الفرنسي المتخصص.
وبحسب المصدر ذاته، فإن الدرهم الرقمي سيتم إصداره مباشرة من طرف بنك المغرب دون وساطة الأبناك التجارية، وسيعتمد على تكنولوجيا “البلوكشين” السيادية غير المفتوحة، مما يمنحه خصائص رقمية دقيقة قابلة للبرمجة، كإمكانية تقييد صرفه جغرافيًا، أو تحديد المدة الزمنية لصلاحيته، وكذا ضبط طبيعة السلع والخدمات التي يمكن استخدامه لأجلها.
وتهدف هذه العملة إلى إحداث تحول نوعي في تدبير الدعم الاجتماعي والإنفاق العمومي، عبر تحويلات رقمية مشروطة تصرف من خلال محافظ إلكترونية دون الحاجة إلى التوفر على حساب بنكي، مما سيمكن من تخصيص الدعم حسب الأغراض، كدفع منحة الكراء لملاك العقار مباشرة، أو تقييد صرف دعم المواد الأساسية داخل متاجر معينة.
هذه المقاربة تندرج في إطار رؤية المغرب لتعزيز استقلاله النقدي في ظل التحولات الجارية على الصعيد العالمي، حيث تتجه قوى اقتصادية كبرى إلى كسر هيمنة الدولار، بينما تطور تكتلات كـ”البريكس” بدائل مالية تعزز السيادة الاقتصادية.
وقد أعلن والي بنك المغرب عن شروع المؤسسة في اختبارات أولية لتحويلات رقمية عابرة للحدود مع مصر دون الاعتماد على النظام المالي الغربي، وهو مؤشر إضافي على مساعي المملكة لبناء بنية مالية رقمية ذات طابع سيادي ومرن.
ورغم أن المشروع يحظى بإشادة عدد من الخبراء بوصفه خطوة نحو تحديث أدوات السياسات العمومية، وتعزيز الشفافية ومحاربة الفساد، إلا أن مخاوف تُطرح في المقابل بشأن احتمالات استخدام هذه التكنولوجيا في الرقابة المالية، وتتبع الأفراد وتقييد حرية التصرف في الأموال.
وفي غياب موعد رسمي للإطلاق، فإن المؤشرات القادمة من بنك المغرب والتطور السريع في مستوى الشراكات التقنية والاختبارات الميدانية تؤكد أن المملكة على مشارف إطلاق أول عملة رقمية سيادية في شمال إفريقيا، مما سيشكل سابقة استراتيجية في مسارها المالي والسيادي.
