بقلم: خالد لمطارقي
أضحى تحقيق المغرب للمناعة الجماعية ضد فيروس كورونا المستجد رهين بيد أقلية رافضة للتلقيح ضد الفيروس الفتاك لاتتجاوز 10 في المائة من الفئة الواجب تلقيحها، وهي التي تقدر بأقل من 5 مليون مغربي. هذه الفئة من المتقاعسين والمترديين الذين لم يحسموا أمرهم من كثرة الأخبار الزائفة التي أبدعتها مواقع التواصل الإجتماعي، والمرضى الذين لم يتلقوا المعلومات الكافية، بالإضافة إلى الذين ينكرون أهمية التلقيح من المشككين الذين تعشش في عقولهم نظرية المؤامرة، وأصحاب التفكير الخرافي غير العلمي، والذين للأسف من بينهم علماء بيولوجيا وأطباء وصيادلة وأساتذة جامعيين يتحدثون عن اللقاح والتلقيح كأيها الناس.
فلا يمكن لهذه الفئة الممتنعة عن التلقيح التي تلعب مواقع التواصل الإجتماعي دور مكبر الصوت لها، أن تتحكم في مصير حياة أمة، وتقيٌد حرية أزيد من 35 مليون مغربي واثق في حسن نوايا السلطات الصحية، وفي نجاعة خططها التي أتت أكلها لحد الٱن بفضل الدعم الملكي وتوجيهات الملك محمد السادس في تحقيق نجاح كبير، وتضحيات وجهودا هائلة لاحتواء الوباء والحصول على اللقاحات في الوقت المناسب وبكميات كافية، قدمتها الدولة للمواطنين والقاطنين مجانا وبتسهيلات لوجستية قل نظيرها، غير أن هذه الأغلبية صامتة لاصوت لها حتى أنها تكاد تفقد مع تعالي صوت الإحتجاجات إيمانها بالحجج العلمية الدامغة التي جعلتها تتوجه طواعية نحو مراكز التلقيح.
ونجد ضمن هذه الأقلية التي تستبد بالأغلبية من المغاربة رافضين لإقرار جواز التلقيح رغم أن عددا كبيرا منهم تلقوا الجرعات الكاملة من اللقاح المضاد لفيروس كورونا مما يثير الكثير من الشكوك والتساؤلات، ورغم أنه سيغنيهم عن عناء التنقل إلى مقرات الباشويات والمقاطعات، والوقوف في طوابير من أجل الحصول على رخصة التنقل الاستثنائية من السلطات المختصة، وبالتالي رفضهم إنهاء مرحلة انتقالية ضرورية قبل العودة بشكل نهائي إلى الحياة الطبيعية كما هو الحال في عدد كبير من الدول الكبرى التي بدأت في العودة إلى مزيد من الحرية وإلى الحياة الاجتماعية وحماية المسنين والمرضى.
هذه الفئة تتعامل بأنانية وبفردانية وفق رغباتها الشخصية ضدا على مبادئ العيش المشترك والمصير الواحد. فبعدما كانت بالأمس القريب في مواقع التواصل الإجتماعي ترفع مع جميع المغاربة شعار نحيا جميعا أو نموت جميعا، أضحت اليوم صاحبة القرار في تحرير أزيد من 35 مليون مغربي، وأكثر من ذلك تتسبب في إغلاق الاقتصاد والحياة بشكل كبير، فهل يمكن القول أن موقفها صائب بعد تلقيح حوالي 70 في المائة من المغاربة أم ينبغي مزيد من الصرامة معها والإقصاء والعزلة التي فرضتها على نفسها، خصوصا وهناك حديث عن إمكانية السماح للملقحين بعدم ارتداء الكمامة وبالتجول طيلة اليوم والليل بدون قيود؟.