الحزب الشعبي الإسباني يُهاجم السيادة الجوية للمغرب.. عودة إلى أوهام استعمارية في ثوب سياسي

14 أبريل 2025
الحزب الشعبي الإسباني يُهاجم السيادة الجوية للمغرب.. عودة إلى أوهام استعمارية في ثوب سياسي

الصحافة _ كندا

خرج الحزب الشعبي الإسباني مطلع أبريل الجاري بموقف حاد يرفض فيه بشكل قاطع أي انتقال لإدارة المجال الجوي فوق الصحراء المغربية من إسبانيا إلى المغرب، واصفاً الأمر بـ”الخيانة للمصالح الإسبانية” و”ضرب للقانون الدولي”، في محاولة مكشوفة لإثارة الغبار السياسي حول ملف سيادي محسوم.

هذا التصعيد، الذي يتجاهل الحقائق التقنية والسياسية الراهنة، يضع الحزب الشعبي في موقع متأخر عن منطق العصر والعلاقات بين الدول ذات السيادة. فالاتفاق الذي تستند إليه إسبانيا لإدارة هذا المجال الجوي، يعود إلى سنة 1976، وقد تم بموجب تفويض مؤقت من منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO) لإسبانيا، في وقت كانت فيه ظروف المغرب الجيوسياسية والتقنية مختلفة تماماً عن الواقع الحالي.

أما اليوم، فالمغرب ليس فقط الدولة ذات السيادة الكاملة على أقاليمه الجنوبية، بل أيضاً من البلدان الصاعدة في قطاع الطيران المدني، بما يتوفر عليه من بنية تحتية ومراقبة جوية عالية الكفاءة، تجعله قادراً على إدارة مجاله الجوي بشكل مستقل، وآمن، ومتوافق مع المعايير الدولية.

ورغم أن الرباط عبّرت مراراً عن استعدادها للتنسيق الفني مع إسبانيا، وحرصها على استمرار الشراكة في قطاع حساس كالملاحة الجوية، إلا أن الحزب الشعبي اختار مجدداً الانزلاق نحو خطاب يُعيد إنتاج الذهنية الاستعمارية، بتصوير المغرب كطرف “مهدد”، في تجاهل متعمد لواقع السيادة المغربية، وللحاجة الموضوعية لإعادة ضبط بعض الترتيبات القديمة بما يتماشى مع تطور السياق الجيوسياسي والقانوني.

الأغرب أن هذا الموقف يأتي من حزب سبق له أن شارك في حكومات تعايشت مع الوضع القائم، دون أن تُبدي أدنى اعتراض أو تُطلق أي مبادرة سياسية في الاتجاه الذي يروج له اليوم، ما يُضعف من مصداقيته، ويكشف عن توظيف انتخابي داخلي لموضوع خارجي، في لحظة سياسية يعيش فيها الحزب أزمات متتالية.

ورغم محاولة بعض وسائل الإعلام المقربة منه تصوير الأمر على أنه “تنازل خطير”، فإن الرؤية المغربية تضع هذه الخطوة في إطارها الطبيعي: تعزيز السيادة الوطنية، تأمين حركة الطيران، وتوسيع الحضور المغربي في مجال الطيران الإقليمي والدولي، خصوصاً مع استعداد المملكة لاستضافة تظاهرات كبرى مثل كأس العالم 2030.

ما يطرحه الحزب الشعبي لا يخدم أمن الملاحة الجوية، ولا يُراعي المصلحة المشتركة في التعاون الإقليمي، بل يضع العلاقات المغربية-الإسبانية في وضع اختبار مجاني لا حاجة إليه، في وقت تتطلب فيه التحديات الإقليمية، من الهجرة إلى الأمن الطاقي، تنسيقاً حقيقياً لا مزايدات انتخابية.

باختصار، ما يحاول الحزب الشعبي الإسباني تصويره كـ”موقف سيادي” لا يعدو كونه ردّة سياسية عن منطق الشراكة والتعاون، وحنيناً مقنّعاً لزمن مضى دون رجعة.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق