الصحافة _ كندا
مرة أخرى، يبرهن الجمهور المغربي أنه يتجاوز حدود التشجيع التقليدي ليغدو فاعلا محوريا في إنجاح كبريات التظاهرات الكروية الدولية. فبعد حضوره اللافت في مونديال قطر 2022، عاد ليؤكد وزنه وتأثيره خلال بطولة كأس العرب فيفا قطر 2025، حيث تحولت الجماهير المغربية إلى العنوان الأبرز للأجواء الاستثنائية التي تعيشها الدوحة منذ انطلاق المنافسات.
الجالية المغربية المقيمة بقطر، مدعومة بجماهير وفدت من أرض الوطن ومن مختلف دول العالم، رسمت مشهدا إنسانيا وحضاريا لافتا، جعل من تشجيع المنتخب المغربي طقسا يوميا للاحتفال. الأعلام الوطنية، الأهازيج، والقمصان الحمراء لم تكتف بملء المدرجات، بل غزت أيضا الفضاءات العامة، من سوق واقف إلى الحي الثقافي كتارا، وصولا إلى الساحات الكبرى، التي تحولت إلى منصات مفتوحة للاحتفاء بالمغرب قبل كرة القدم.
هذا الحضور القوي لم يمر دون إشادة، إذ أجمعت العديد من القنوات العربية على أن الجمهور المغربي هو نجم البطولة خارج المستطيل الأخضر، وصانع أجوائها الاستثنائية، سواء داخل الملاعب خلال مباريات “أسود الأطلس”، أو خارجها حيث يتحول كل تجمع مغربي إلى مشهد فرح جماعي يعكس الانتماء والاعتزاز بالهوية.
وفي مقابل محاولات معزولة لتشويه صورة المغرب أو توظيف الحدث الرياضي لأجندات سياسية، اختارت الجماهير المغربية نهجا مغايرا، قوامه الرقي والأخلاق والتسويق الإيجابي للوطن. حضور يترجم قيما راسخة تقوم على احترام سيادة الدول، ونبذ الإساءة، والسعي إلى التقريب بين الشعوب بدل زرع الانقسام، ونشر الفرح بدل تغذية التوتر.
وبهذا السلوك الحضاري، تجاوز الجمهور المغربي دوره كمشجع ليغدو أداة دبلوماسية شعبية حقيقية، تسوق للمغرب وقيمه في الفضاءات الرياضية والثقافية العالمية. وهو ما يفسر الانتشار الواسع لقميص المنتخب المغربي في مدن عربية وعواصم دولية، في تعبير صريح عن حجم التعاطف الذي بات يحظى به المغرب وشعبه.
إن الجمهور المغربي، بحضوره وسلوكه، يؤكد أن صورة الأوطان لا تُصنع فقط بالنتائج والألقاب، بل أيضا بالأخلاق والقيم. حضور يرسخ أن المغرب، حين يكون حاضرا، يحضر بشعبه قبل إنجازاته، وبسلوكه الحضاري قبل تتويجاته، مجسدا تربية راسخة وهوية وطنية واثقة تمتد جذورها في التاريخ وتستشرف المستقبل.














