الصحافة _ كندا
تتواصل في المغرب مشاورات دقيقة بين الحكومة والمركزيات النقابية بشأن إصلاح أنظمة التقاعد، في ظل تباين حاد في الرؤى، وتشبث النقابات بـ”لاءات ثلاث” ضد ما تعتبره “حلولاً تقشفية مفروضة على الطبقة الشغيلة”، بينما تصر الحكومة على ضرورة الإصلاح لضمان الاستدامة المالية للصناديق ومصالح الأجيال القادمة.
النقابات، في مقدمتها الاتحاد المغربي للشغل والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، أعلنت رفضها القاطع لأي مخطط يقوم على رفع سن التقاعد، أو الزيادة في مساهمات الأجراء، أو تقليص قيمة المعاشات. واصفة هذه المقترحات بـ”الثالوث الملعون”، الذي يسعى، بحسب تعبيرها، إلى تحميل كلفة فشل السياسات العمومية للموظفين والعمال، عوض معالجة الأسباب البنيوية الحقيقية التي قادت إلى الأزمة، وعلى رأسها ضعف الحكامة وتراكم أعطاب التدبير.
في المقابل، تؤكد الحكومة أن الإصلاح ليس خياراً سياسياً بل ضرورة وطنية لضمان استمرار صرف المعاشات لما يفوق مليون متقاعد، خاصة في ظل المؤشرات المالية المقلقة، حيث يسجل الصندوق المغربي للتقاعد عجزاً سنوياً يناهز 10 مليارات درهم، وينذر باستنزاف احتياطاته بالكامل في أفق 2028، وفق تحذيرات المجلس الأعلى للحسابات.
وبينما تصر الحكومة على أن الإصلاح سينطلق من مقاربة تشاركية ومسؤولة تراعي الحقوق وتستحضر الإنصاف بين الأجيال، تُنبه النقابات إلى أن أي محاولة لفرض حلول جاهزة ستقود إلى أزمة ثقة، وتعميق التوجس الاجتماعي، داعية إلى إصلاح شامل يضمن وحدة النظام التقاعدي، وحكامة رشيدة في تدبير احتياطاته، مع الرفع من معاشات المتقاعدين عوض تقليصها.
وفي خضم هذه التجاذبات، تلوح في الأفق مرحلة حاسمة ستختبر مدى قدرة الحكومة على تمرير إصلاح متوازن لا يُغضب الشركاء الاجتماعيين، ويعيد الثقة في مؤسسات التأمين الاجتماعي، ويضمن العيش الكريم للمتقاعدين، في واحدة من أكثر الملفات حساسية في الأجندة الاجتماعية والسياسية الراهنة.