الصحافة _ كندا
في خطوة تعكس تصعيداً سياسياً لافتاً، اجتمع تحالف المعارضة الجديد، الذي أطلق على نفسه اسم “التكتل الشعبي”، مساء الإثنين بالرباط، في أول لقاء رسمي له بعد التأسيس، بحضور الأمناء العامين للأحزاب المشكلة له، في وقت بدأت فيه معظم الأحزاب الاستعداد المبكر للانتخابات التشريعية المقبلة.
الاجتماع، الذي احتضنه مقر حزب الحركة الشعبية، شكّل مناسبة لتحليل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد، لكنه تحوّل بسرعة إلى منصة نقد لاذع لسياسات حكومة عزيز أخنوش، حيث أجمع قادة التكتل على أن الحكومة أخفقت في إدارة الشأن العام، وعمّقت الأزمات بدل معالجتها.
محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، لم يتردد في وصف الحكومة بأنها اختزلت الدولة الاجتماعية في مجرد “قفة سياسية”، متهماً إياها باستغلال الفقر لأغراض انتخابية. واعتبر أن الوزراء تحوّلوا إلى موزعين للمساعدات بدلاً من تقديم حلول بنيوية، مشيراً إلى فشل الحكومة في الوفاء بوعودها، خصوصاً فيما يتعلق بإعادة إسكان متضرري زلزال الحوز، رغم الميزانيات الضخمة التي أُعلنت.
من جانبه، انتقد خالد البقالي، الأمين العام للحزب الديمقراطي الوطني، طريقة تدبير ملفات استراتيجية مثل التعليم والصحة، واعتبر أن المخطط الأخضر لم يكن سوى تبذير لمليارات الدراهم دون مردودية حقيقية. كما استنكر تصدير مواد غذائية حيوية كالزيت والأفوكادو في وقت يعيش فيه المغاربة تحت وطأة الغلاء، متسائلاً عن منطق الحكومة في التعامل مع حاجيات السوق الداخلية.
أما إسحاق شارية، الأمين العام للحزب المغربي الحر، فذهب أبعد من ذلك حين وصف الحكومة بأنها تُنتج أزمات متتالية تجعل المواطن بالكاد ينسى الأزمة السابقة حتى يُصدم بأخرى جديدة. كما اعتبر استغلال المال العام في حملات انتخابية مبكرة أمراً يضرب مصداقية المؤسسات، مندداً بتوزيع المساعدات من داخل مقر إقامة وزير، في مشهد وصفه بـ”الفضيحة السياسية”.
وفي نفس السياق، دعا محند العنصر، رئيس الحركة الشعبية، إلى هيكلة عمل التكتل الشعبي وتنظيم تحركاته من أجل الدفاع عن مصالح المواطنين. من جهته، ذكّر إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، بأن حزب السنبلة قدم أزيد من 100 مقترح قانوني لم تتفاعل معها الحكومة، محذراً من استمرار نهج الإقصاء والتجاهل داخل المؤسسة التشريعية.
عبد الرحمن الدريسي، عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية، سلط الضوء على تنامي نفوذ اللوبيات الاقتصادية، خاصة في قطاع الأدوية، وانتقد بشدة العجز عن خلق فرص شغل حقيقية رغم الوعود الرسمية. كما عبر عن قلقه من أن تدخل البلاد الاستحقاقات الانتخابية المقبلة وسط ضبابية سياسية واقتصادية تنذر بتحديات جسيمة.
في ظل هذا المشهد، يبدو أن التكتل الشعبي عازم على لعب دور مركزي في إعادة ترتيب خارطة المعارضة، واستثمار حالة الغليان الاجتماعي والسياسي لبناء بديل قد يكون مفصلياً في المرحلة المقبلة.