الصحافة _ كندا
في مشهد سياسي تتراجع فيه الثقة وتغيب فيه القناعة بالعرض الحزبي، كشف استطلاع للرأي أنجزه معهد Afrobarometer أن حزب الاستقلال يتقدم قائمة نوايا التصويت لدى المغاربة استعدادًا لتشريعيات 2026، لكن بنسبة بالكاد تصل إلى 4%، في حين تتقاسم باقي الأحزاب نسبًا متقاربة تُظهر بوضوح تآكل رصيدها الشعبي.
الاستطلاع، المنجز ميدانيًا في فبراير 2024 على عينة من 1200 مواطن، بيّن أن حزب العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة يحلان في المرتبة الثانية بنسبة 3.8%، بينما تراجع حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يقود الحكومة، إلى المركز الرابع بـ3.2%. أرقام تكشف أن الصراع الحزبي بات يدور في هامش ضيق من التأييد الشعبي، وأن الفارق الحقيقي اليوم ليس في من يتصدر، بل في من لا يزال يحتفظ بقليل من الثقة وسط مد شعبي جارف من اللامبالاة.
فالاستطلاع أشار إلى أن 81% من المغاربة لا يشعرون بأي انتماء حزبي، فيما لم يحسم أكثر من 33% موقفهم من التصويت، بينما أعلن 34.1% رفضهم للمشاركة أصلًا. إنها أرقام تعري الواقع السياسي، وتؤكد أن العزوف لا يُعد طارئًا، بل أصبح القاعدة.
اقتصاديًا، يصف 46% من المستجوبين وضع البلاد بأنه سيئ أو سيئ جدًا، و30% يؤكدون تدهور أحوالهم خلال سنة، مقابل نسبة ضعيفة فقط ترى تحسنًا. أما على مستوى الأمل في المستقبل، فالرهان قائم لكن بتردد، حيث عبّر 35.9% فقط عن تفاؤلهم بتحسن الأوضاع.
ورغم تمسك 77.8% من المغاربة بالخيار الديمقراطي، إلا أن ثلثهم تقريبًا يعتبر ما يعيشه المغرب مجرد “ديمقراطية مع اختلالات”، في وقت يرى فيه 76% أن المنتخبين لا يصغون إليهم ولا يمثلونهم فعليًا، ما يعمق الهوة بين المواطن والمؤسسات.
المعطيات التي حملها التقرير لا تنذر فقط بتراجع في التمثيلية الحزبية، بل تدق ناقوس خطر حقيقي حول مستقبل العمل السياسي برمته، في ظل مؤشرات فقدان الثقة واتساع فجوة الانفصال بين الشارع ودوائر القرار.