الصحافة _ كندا
في خطوة أثارت الكثير من علامات الاستفهام داخل الأوساط السياسية والبرلمانية، استغل الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية جلسة الأسئلة الشفوية ليوم الاثنين 21 يوليوز 2025 لشن هجوم مجاني على عدد من الوزراء بدعوى “غيابهم المتكرر”، في مشهد بدا أقرب إلى زوبعة سياسوية مدبرة منه إلى ممارسة رقابية جادة تحفظ هيبة المؤسسة التشريعية.
الخطاب الذي تبنّته النائبة عائشة لكرجي، والذي طبعته لهجة انفعالية واتهامية، كشف رغبة صريحة في تحويل الجلسة البرلمانية إلى منصة لتصفية حسابات سياسية، بدل مساءلة بنّاءة تحفظ توازن العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. وتزامن الهجوم مع تصعيد خطاب الاتحاد الاشتراكي في أكثر من مناسبة، ما يعكس اتجاهاً واضحاً نحو استثمار كل مناسبة لتلميع تموقعه داخل خارطة المعارضة، ولو على حساب منطق المؤسسات.
الغريب أن سهام النقد طالت وزراء يُشهد لهم بالحضور والتفاعل، وعلى رأسهم نزار بركة، وليلى بنعلي، وأديب بنبراهيم، الذين يُعدّون من بين أكثر أعضاء الحكومة انتظاماً في الحضور إلى البرلمان والتجاوب مع أسئلة النواب، وهو ما يجعل من “حملة الغياب” التي أطلقها الفريق الاشتراكي أشبه ما تكون بعملية سياسية منظمة لخدمة أهداف خفية تتجاوز مجرد التنبيه إلى ظاهرة الغياب.
المفارقة الصارخة أن النائبة نفسها التي تحدثت عن “المساس بالقدسية الدستورية” خرقت النظام الداخلي للمجلس بتلاوة أسماء وزراء بشكل مباشر، في سلوك يخالف المادة المنظمة لسير الجلسات الرقابية، وهو ما استدعى تدخل رئاسة الجلسة لسحب تلك العبارات من محضر الجلسة. فهل يعقل أن يطالب من لا يحترم القانون البرلماني الآخرين باحترام الدستور؟
الأخطر من ذلك، أن تحركات الفريق الاشتراكي، في توقيتها ولهجتها ومضمونها، باتت تُقرأ في سياق سياسي أوسع، تُطرح فيه أسئلة حقيقية حول علاقة الحزب بالحكومة، ومدى استقلالية مواقفه داخل المعارضة. فبعض المصادر المطلعة تعتبر أن الاتحاد الاشتراكي لا يتحرك من منطلق معارضته للحكومة، بقدر ما ينخرط في “حرب بالوكالة” نيابة عن رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ضد حلفائه داخل الأغلبية، وعلى رأسهم حزبا الاستقلال والأصالة والمعاصرة.
ووفق هذه القراءة، فإن الهجوم الذي استُهدف به وزراء الأغلبية، خصوصًا نزار بركة وليلى بنعلي، لا يمكن فصله عن مناورات ما قبل انتخابات 2026، حيث يسعى إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، إلى تأمين موقع حزبه داخل التركيبة الحكومية المقبلة، بضمانات شخصية من عزيز أخنوش، مقابل خوض معارك سياسية إعلامية تضعف مواقع الحلفاء الآخرين وتعيد خلط الأوراق داخل البيت الحكومي.