الصحافة _ وكالات
يولي المغاربة اهتماما خاصا بذكرى ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ يحرصون على تخليد هذه الذكرى التي تحل في الـ12 من شهر ربيع الأول من كل سنة هجرية، علما أن هذا اليوم يعتبر عطلة رسمية في البلاد.
وتنظم في بعض المدن المغربية مسيرات ومواكب للشموع بمشاركة مختلف الشرائح العمرية، كما يتم تنظيم استعراضات عقب صلاة العشاء، فيما ينظم آخرون مسيرات يتقدمها الأطفال، وينشدون خلالها أناشيد وأهازيج من التراث المغربي، وكذا بعض قصائد المديح المعروفة.
ويسهر البعض على تنظيم جلسات للمديح والسماع، وتشهد بعض الزوايا نشاطا ملحوظا خلال هذا اليوم، حيث يجتمع مريدو الطرق الصوفية من جميع مناطق العالم في مقر الزوايا، ويقومون بترديد الأمداح والأناشيد الدينية، وتأدية الرقصات الصوفية.
ومع اقتراب حلول هذه الذكرى، تغص مواقع التواصل الاجتماعي، بعبارات التهنئة التي تكون غالبا إما على شكل صور أو مقاطع فيديو قصيرة.
وعلى الصعيد الرسمي دأب الملك محمد السادس على ترأس حفل ضخم، يقام غالبا بمسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء، أكبر مساجد المملكة، تتلى فيه آيات من القرآن الكريم، كما تؤدى خلاله أناشيد وأمداح نبوية.
لكن تخليد المغاربة لهذه الذكري لا يحظى بالإجماع، إذ يرى البعض ومنهم السلفيون أن هذه الاحتفالات مجرد بدع لا تستند على أي أساس في الشريعة الإسلامية، فيما يرى آخرون ومنهم المتصوفون أن الاحتفال بالذكرى سنة حميدة يجب المحافظة عليها.
كما أن الاحتفال بهذه الذكرى ليس محط إجماع من قبل الدول الإسلامية ففي الوقت الذي يفضل فيه الشيعة الاحتفال بالذكرى في 17 ربيع الأول بدل 12 من الشهر ذاته، تعتبر بعض الدول أن هذه الاحتفالات مجرد بدع كما هو الحال في المملكة العربية السعودية التي سبق لمفتيها أن وصف هذه الاحتفالات بـ”البدع والخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان.. لا أصل لها في شريعة الاسلام، ولم تكن في عهد رسول الله”.
السلفيون: الاحتفال بعيد المولد النبوي مجرد بدعة
ويذهب الداعية السلفي عبد الرحيم الغزالي في تصريح لموقع يابلادي إلى القول بأنه “لم يثبت نهائيا عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه احتفل بميلاده، كما لم يثبت ذلك عن الصحابة رضي الله عنهم، أو حتى في القرون المفضلة (القرون الثلاثة الأولى بعد مجيء الإسلام)”.
وتابع أنه “لا أحد من الخلفاء المسلمين الذين مروا في الثلاثة قرون الأولى للإسلام، احتفلوا بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا أحد يحب الرسول كما كان يحبه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والصحابة الذين رأوه مباشرة وعائلته وأسرته”.
ورأى أن “الاحتفال بهذه الذكرى ارتقى حتى صار عيدا، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول “الْمُسْلِمُوْن لَهُم عِيْدَان لَا ثَالِث لَهُمَا” أي عيد الأضحى وعيد الفطر”.
وأكد الغزالي أن “أهل السير والمؤرخون لم يجمعوا على تاريخ موحد لميلاد الرسول. هو ولد فعلا في عام الفيل يوم الاثنين، لكن هناك مجموعة تقول إنه ولد في 12 ربيع الأول وآخرون يقولون في 8 وهناك من يقول 10، وبما أنه لا يوجد إجماع حول تاريخ مولده، فلماذا يتم الاحتفال يوم 12”.
وأوضح أن الرسول صلى الله عليه وسلم “توفي يوم 12 ربيع الأول، وهو اليوم الذي يحتفلون فيه بعيد مولده ويعتبرونه مناسبة ينبغي الفرح فيها، علما أن أهل السير والمؤرخون كلهم أجمعوا على أنه توفي يوم 12 ربيع الأول، فكما يحتفلون هم فيه بالمولد ربما قد يعتبر آخرون هذا اليوم مناسبة للحزن والبكاء…”.
وخلص الغزالي إلى القول “إن الاحتفال بهذه الذكرى بدعة، والأصل أنه لم يثبت عن الرسول عليه الصلاة والسلام وعن السلف الصالح الذي نقصد به الصحابة رضي الله عنهم والتابعين، وعن خلفاء المسلمين الذين مروا في 300 سنة الأولى للإسلام، أن احتفلوا بهذه الذكرى”.
عبد الله كديرة: الاحتفال بمولد الرسول موجود في القرآن
بالمقابل قال عبد الله كديرة رئيس المجلس العلمي المحلي للرباط، في تصريح لموقع يابلادي ان الاحتفال بعيد المولد النبوي “ليس بدعة ويوجد في القرآن “قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ”، والرسول صلى الله عليه وسلم رحمة مهداة فكيف لا نحتفل به؟”.
وتابع أن “النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب صيام يوم الاثنين وسألوه لماذا تحب صيام هذا اليوم فقال: ذاك يوم ولدت فيه ويوم بعثت أو أنزل علي فيه”، وواصل “نحن نحتفل حبا برسول الله صلى الله عليه وسلم، أما البدع والمنكرات فلن يقبلها أي شخص كيفا ما كان، والاحتفال برسول الله ليس بدعة”.
وعن الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم في 12 ربيع لأول رغم أنه في هذا اليوم توفي أيضا قال كديرة “الفرحة برسول الله ليست هي الحزن على وفاة رسول الله، الفرحة دائما تسبق الحزن، والرسول قال “أنا خير لكم حيا وميتا” كان خيرا لنا في حياته وكان خيرا لنا في مماته”.
وبحسب كديرة فإن الاحتفال بالذكر بدأ في القرن الخامس “لا تجتمع أمتي على ضلالة” الأمة مجمعة على الاحتفال به ماعدا فئة قليلة هداها الله، والاحتفال بالرسول صلى الله عليه وسلم، هو دراسة سيرته والدفاع عن أخلاقه، ونشر سنته”.
وبخصوص الحديث النبوي الذي يقول إن “الْمُسْلِمُوْن لَهُم عِيْدَان لَا ثَالِث لَهُمَا” قال كديرة هناك عيدين معروفين في الكتاب والسنة، واللذين يحبون الرسول صلى الله عليه وسلم يقولون: للناس في كل عام عيدين ولنا بك يارسول الله كل يوم عيد”، وتساءل “هل الفرحة برسول الله منكر؟”.
وتابع حديثه قائلا “الذين يحرمون الاحتفال برسول الله صلى الله علي وسلم، سيقولون حتى السيارات والقطارات والطائرات، لا يجب أن نركب فيها لأن الرسول لم يركب فيها..,وحبنا للرسول يمنعنا من أن نحتفل به بطريقة لا يباركها هو”.
وختم حديثه بالإشارة إلى أن المجلس العلمي الأعلى” سيقيم احتفالا بجمع الفقراء وسنشتري لهم ملابس لأولادهم وسمينا المبادرة “حبا في رسول الله” فهل هذه سنة أم منكر؟”.