الأغلبية البرلمانية تعترف بفشل السياسة التصديرية وتطالب بوقف استنزاف المياه في ظل جفاف خانق

13 فبراير 2025
الأغلبية البرلمانية تعترف بفشل السياسة التصديرية وتطالب بوقف استنزاف المياه في ظل جفاف خانق

الصحافة _ كندا

في خطوة لافتة، انضمت فرق الأغلبية بمجلس النواب إلى الأصوات المتزايدة التي تعبر عن قلقها المتصاعد إزاء السياسة الفلاحية التصديرية التي تنتهجها الحكومة، مستندة إلى تقارير رسمية وتحذيرات الخبراء حول انعكاسات هذه الاستراتيجية على الأمن المائي والاكتفاء الذاتي الغذائي.

خلال جلسة مناقشة تقرير المجلس الأعلى للحسابات برسم سنتي 2023-2024، أكد الفريق الاستقلالي أن تدبير الموارد المائية لا يمكن فصله عن السياسة الفلاحية، مشددًا على ضرورة تحقيق توازن بين التصدير ومتطلبات الأمن المائي الوطني، عبر إعادة توجيه الاستثمارات نحو زراعات أقل استنزافًا للمياه.

أما فريق التجمع الوطني للأحرار، فقد حذر من تفاقم أزمة الجفاف، مشيدًا في الوقت ذاته بإنجازات الحكومة، مثل رفع السعة التخزينية للسدود، وتوسيع المساحات الزراعية المعتمدة على الري الموضعي، وزيادة عدد محطات تحلية المياه. غير أن هذه الجهود، ورغم أهميتها، لم تمنع تفاقم أزمة ندرة المياه وارتفاع أسعار المواد الغذائية، ما يطرح تساؤلات حول مدى فعالية هذه السياسات في تأمين الغذاء للمغاربة.

من جانبه، شدد الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة على ضرورة الإسراع بتنفيذ مشاريع السدود الجديدة وأنظمة نقل المياه بين الأحواض لضمان توزيع عادل للموارد المائية، محذرًا من أن أي تهاون في مواجهة الإجهاد المائي قد تكون له عواقب وخيمة على مستقبل الأمن الغذائي في المغرب.

مفارقة صارخة بين وفرة الصادرات وندرة الموارد المائية

ورغم أن الجفاف المتكرر أثر على حجم الصادرات الفلاحية، إلا أن قيمتها المالية استمرت في الارتفاع، حيث بلغت 83.2 مليار درهم سنة 2023، في تأكيد على استمرار الحكومة في تعزيز الصادرات الفلاحية رغم أزمة العطش وارتفاع الأسعار داخليًا.

هذا التوجه جعل المغرب عمليًا يصدر موارده المائية في شكل منتجات زراعية، مثل الطماطم، الأفوكادو، الحمضيات، والتوت الأزرق، وهو ما يثير تساؤلات جوهرية حول مدى إدراك الحكومة لخطورة الوضع المائي، خصوصًا في ظل التحذيرات المتكررة من الخبراء حول استنزاف الفرشات المائية لصالح الفلاحة التصديرية.

17 عامًا من السياسة الفلاحية التصديرية: ماذا تحقق؟

منذ 2008، تخلى المغرب عن مقاربة الأمن الغذائي لصالح نموذج زراعي موجه للتصدير، حيث ضُخّت استثمارات ضخمة في القطاع، لكنها لم تعزز الاكتفاء الذاتي، بل أدت إلى ارتفاع الأسعار محليًا ونقص المعروض، بينما تضاعفت الواردات الغذائية، مما عمّق تبعية المغرب للأسواق الخارجية.

ووفق الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، فإن هذه السياسة أثبتت فشلها، إذ لم تحقق الأمن الغذائي للمواطنين، بل جعلت الغذاء سلعة خاضعة للمضاربات، وأدت إلى ارتفاع البطالة في المناطق القروية، إلى جانب تداعيات بيئية كارثية بسبب استنزاف المياه الجوفية.

الحل: إصلاح زراعي شامل واستراتيجية جديدة للأمن الغذائي

في ظل هذه التحديات، يدعو الخبراء إلى إعادة النظر في السياسة الفلاحية، عبر الانتقال من نموذج تصديري يستنزف الموارد، إلى نموذج يركز على الفلاحة المستدامة والاكتفاء الذاتي. كما يؤكدون أن استمرار هذا النهج الرأسمالي التبعي قد يجعل المغرب رهينة للتقلبات المناخية والضغوط الجيوسياسية، خاصة مع تحول الغذاء إلى سلاح سياسي واقتصادي على المستوى الدولي.

وبالتالي، أصبح من الضروري تبني رؤية زراعية جديدة، ترتكز على دعم الفلاحة الأسرية والمعاشية، وتحقيق السيادة الغذائية، والقطع مع السياسات التي تضع الربح فوق مصلحة المواطنين. فالتحديات المناخية والاقتصادية التي تواجه البلاد تتطلب إصلاحًا زراعيًا جريئًا يعيد توجيه الأولويات نحو تأمين الغذاء للمغاربة أولًا، بدل تصدير ما تبقى من مواردهم المائية الشحيحة.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق