الأحزاب تُفخخ مبادرة الملك لتجديد النخب وتحوّل “الترشح المستقل” إلى بوابة جديدة للمحسوبية السياسية

5 نوفمبر 2025
الأحزاب تُفخخ مبادرة الملك لتجديد النخب وتحوّل “الترشح المستقل” إلى بوابة جديدة للمحسوبية السياسية

الصحافة _ كندا

في الوقت الذي احتفى فيه آلاف الشباب المغاربة بالقرار الملكي التاريخي الذي صادق عليه المجلس الوزاري يوم 19 أكتوبر 2025، والقاضي بفتح الباب أمام الترشح المستقل للانتخابات التشريعية المقبلة، بدأت بوادر التفاف حزبي على روح المبادرة الملكية تظهر في الكواليس.

فبينما كان الهدف من التعديلات هو تجديد النخب وتمكين الجيل الجديد من دخول الحياة السياسية بعيداً عن الحسابات الحزبية الضيقة، تشير المعطيات التي تسربت من داخل عدد من الأحزاب الكبرى إلى أن قيادات نافذة بدأت تُعدّ “لوائح ظلّ” تضم أبناءها وأصهارها وبعض المقربين، لتقديمهم في صنف “المستقلين”، والاستفادة من الدعم المالي العمومي المخصص للمترشحين الشباب، والذي يصل إلى 75 في المائة من مصاريف الحملة الانتخابية، أي ما يعادل 37.5 مليون سنتيم لكل لائحة.

ويبدو أن هذه المناورات تعيد إنتاج منطق “كوطا الشباب” القديم، الذي حوّلته القيادات الحزبية في السابق إلى وسيلة لتوريث المناصب وإعادة تدوير نفس الوجوه داخل البرلمان. الجديد فقط، كما يقول مراقبون، هو أن “الواجهة المستقلة” أصبحت الغطاء الجديد للمحسوبية السياسية القديمة.

عدد من الفاعلين الجمعويين والشباب المنخرطين في الحراك المدني عبّروا عن قلقهم من هذا الانزياح عن جوهر القرار الملكي، مؤكدين أن المبادرة كانت تهدف إلى استعادة ثقة جيل “Z” في المؤسسات بعد احتجاجات الصيف الماضي، لا إلى فتح باب خلفي لعودة أبناء الحيتان السياسية.

مصادر متطابقة أكدت أن اجتماعات مغلقة انعقدت مؤخراً في مقرات بعض الأحزاب لبحث صيغ “التنسيق الخفي” مع مرشحين شباب سيظهرون كـ”مستقلين”، على أن يحظوا بدعم ميداني ولوجستي غير معلن من الحزب. هذا المخطط، حسب نفس المصادر، يتيح للأحزاب الحفاظ على نفوذها داخل الدوائر الانتخابية الحساسة دون أن تتحمل كلفة الغضب الشعبي من الأحزاب التقليدية.

ورغم أن النص القانوني الجديد حدّد بوضوح شروط الترشح المستقل — من بينها عدم الانتماء لأي حزب سياسي، وجمع 200 توقيع على الأقل في كل دائرة انتخابية، مع حضور النساء بنسبة لا تقل عن 30 في المائة من تلك التوقيعات — إلا أن عدداً من المتتبعين يشككون في إمكانية ضمان احترام هذه الضوابط على أرض الواقع، بسبب تشابك المصالح والعلاقات بين أبناء القيادات الحزبية ومسؤولين محليين قادرين على تسهيل هذه المساطر.

المشهد إذن ينذر بصراع صامت بين روح القرار الملكي الداعية إلى التجديد، ومنطق “السياسة الوراثية” الذي ما زال متجذراً في الممارسة الحزبية. فإما أن ينتصر منطق الكفاءة والمواطنة، وإما أن يتحول “الترشح المستقل” إلى عنوان جديد لقدماء المحظوظين بثياب الشباب.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق