اعتراف بلا استقالة.. وزير الصحة يسكب الزيت على نار الشارع!

3 أكتوبر 2025
اعتراف بلا استقالة.. وزير الصحة يسكب الزيت على نار الشارع!

الصحافة _ كندا

لم تكن جلسة النقاش البرلماني التي قادها وزير الصحة، أمين التهراوي، أمام لجنة القطاعات الاجتماعية، سوى تمرين سياسي آخر في لعبة باتت مملة للرأي العام. البعض وصفها بأنها كسرت رتابة النقاش البرلماني وأعادت للمعارضة شيئاً من جرأتها، فيما رآها آخرون مجرد حركة داخلية بلا أثر، أشبه بمسرحية قصيرة لم يتجاوز صداها جدران البرلمان. والواقع أن الشارع، الذي يغلي منذ أسابيع، لم يلتفت إليها أصلاً.

الحقيقة التي لا يريد السياسيون الاعتراف بها هي أن لغة البرلمان لم تعد تصل إلى جيل الاحتجاجات الجديدة. هؤلاء الشباب الذين يهتفون في الشوارع لا يتابعون جلسات اللجان، ولا يهتمون بالتصريحات المنمقة أو الوعود المتكررة. بالنسبة لهم، البرلمان هو مجرد قاعة مغلقة لا علاقة لها بواقع المستشفيات المتداعية والمدارس الفاشلة وسوق الشغل الذي يزداد انسداداً.

تصريحات وزير الصحة عن “اختلالات صادمة” لم تكن اكتشافاً جديداً، بل اعترافاً متأخراً بما يعرفه المغاربة منذ سنوات. فإذا كانت المنظومة الصحية تنهار، فلماذا لم يستقِل الوزير بدل أن يضيف وعداً جديداً إلى قائمة وعود حكومية لم يتحقق منها شيء؟ في لحظة أزمة حقيقية، الاعتراف وحده لا يكفي، والمسؤولية السياسية لا تعني الكلام بل الرحيل عند العجز.

اللافت أن الحكومة الحالية اختارت أن تغلق جلسات اللجان في وجه الإعلام، في تراجع عن الانفتاح النسبي الذي سُجل في عهد حكومة بنكيران، قبل أن تقرر فجأة فتح نقاش واحد بشكل حصري. لكن ماذا بعد؟ لم يحدث أي أثر. المواطن البسيط لا يشعر بأن حياته تغيرت لأن وزيراً تحدث، بل حين يرى إجراءً ملموساً يخفف من معاناته في المستشفى أو المدرسة أو السوق.

من هنا، يظهر أن جوهر الأزمة ليس في شكل النقاش، بل في غياب الفعل. الشارع المغربي لا يهدأ بالتصريحات، وإنما بالقرارات الكبرى: خطاب ملكي واضح يعترف بالأزمة ويضع خريطة طريق، أو استقالات وزراء يتحملون مسؤولية مباشرة عن الفشل. غير ذلك مجرد دوران في الحلقة نفسها.

إن الجلسة التي وصفها البعض بأنها “دينامية برلمانية” تكشف عن مفارقة صارخة: هناك لغة سياسية تتحدث داخل القبة، ولغة أخرى تماماً تصرخ بها الشوارع. وبينهما هوة ثقة تتسع كل يوم. وما لم يدرك السياسيون أن الشباب لا يريدون “وعوداً” بل “أفعالاً”، فإن كل الجلسات ستظل مجرد أصوات تتلاشى في الفراغ.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق