الصحافة _ كندا
يشكل توشيح المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني، السيد عبد اللطيف حموشي، بأرفع وسام أمني في إسبانيا — وسام الصليب الأكبر للاستحقاق للحرس المدني الإسباني — تتويجًا جديدًا لمسار طويل من النجاحات الأمنية المغربية التي باتت تحظى باعتراف دولي واسع.
لكن خلف هذا التوشيح، تبرز دلالات سياسية واستراتيجية عميقة، تتجاوز البعد البروتوكولي، لتؤكد أن المغرب — بقيادة جلالة الملك محمد السادس — أصبح اليوم شريكًا أمنيا لا غنى عنه في منظومة الاستقرار الإقليمي والدولي.
لقد أعادت مراسم التكريم، التي جرت في العاصمة مدريد، رسم ملامح جديدة للعلاقات المغربية–الإسبانية، ليس من باب الدبلوماسية التقليدية، بل من بوابة الثقة الأمنية العليا.
فحين تمنح دولة بحجم إسبانيا، ذات المؤسسات العريقة في الاستخبارات ومكافحة الإرهاب، أرفع أوسمتها الأمنية لمسؤول مغربي، فإنها تُقر ضمناً بأن المنظومة الأمنية المغربية أصبحت مرجعًا يُحتذى، وأن فلسفة الأمن التي أرسى دعائمها الملك محمد السادس — المبنية على الاستباق واليقظة والتعاون الدولي — أثبتت فعاليتها وموثوقيتها.
لقد تمكّن المغرب، في ظل القيادة الملكية الحكيمة، من تحويل الأمن من مفهوم وقائي إلى رافعة استراتيجية للدبلوماسية الوطنية.
فالتنسيق المستمر بين المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني مع نظرائهما في أوروبا، لا يقتصر على تبادل المعلومات، بل يمتد إلى بناء أمن جماعي حقيقي، ساهم في تفكيك عشرات الخلايا الإرهابية، وإجهاض مشاريع تخريبية كانت تستهدف أمن المغرب وأمن شركائه على حد سواء.
ويشهد على ذلك ما أكده وزير الداخلية الإسباني نفسه، حين قال إن هذا الوسام هو “اعتراف رسمي من مدريد بدور المغرب المركزي في تحييد المخاطر التي تهدد البلدين”. وهي شهادة تُضاف إلى رصيد طويل من الإشادات الأوروبية والدولية، من باريس إلى واشنطن، بقدرات الأجهزة المغربية ومهنيتها العالية.
الأهم في هذا الحدث هو أن تكريم حموشي هو في جوهره تكريم للمؤسسة الأمنية المغربية بكل مكوناتها، ولمدرسة الأمن الوطني التي نجحت في الجمع بين الفعالية الميدانية والشرعية المؤسساتية. إنها مدرسة تمغربيت في بعدها الأمني، التي تنهل من القيم الوطنية للانضباط، الولاء للوطن والملك، واحترام القانون وحقوق الإنسان.
لقد أصبح المغرب، بفضل هذه المقاربة المندمجة، قوة ناعمة صلبة، تمتلك من الخبرة ما يجعلها اليوم مصدر ثقة للعديد من الدول الإفريقية والأوروبية على حد سواء.
كما أن البعد الملكي في هذه الدينامية لا يمكن إغفاله؛ فحموشي نفسه هو أحد الوجوه التنفيذية للرؤية الملكية في الأمن الحديث، تلك الرؤية التي جعلت من حماية الوطن والمواطن، وتحصين الجبهة الداخلية، جزءًا من هندسة الدولة الحديثة. فحين يتحدث وزير الداخلية الإسباني عن “الجهود الاستثنائية لتحديث الأجهزة المغربية”، فإنه يصف نتيجة مسار ملكي بدأ منذ أكثر من عقدين، عنوانه “الاحتراف، الاستباق، والانفتاح”.
إن توشيح حموشي اليوم لا يمثل فقط اعترافًا بإنجاز شخصي، بل رمزًا لتقدير عالمي لمؤسسة ملكية تضع الأمن في قلب التنمية، والسيادة في صميم التعاون. إنه تأكيد جديد على أن المغرب — من موقعه الجغرافي بين إفريقيا وأوروبا — لم يعد فقط “حارس البوابة”، بل فاعلًا استراتيجيا يصنع التوازن في زمن الاضطرابات.
إن ما تحقق في مدريد هو نصر مؤسساتي مغربي بامتياز، عنوانه الكفاءة والثقة والتمغربيت الأصيلة.
تكريم عبد اللطيف حموشي هو تكريم لمدرسة الأمن المغربي تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، مدرسة أثبتت للعالم أن الوطنية ليست شعارًا يُرفع، بل أداءً مؤسسيًا يُبنى، وإخلاصًا يتجسد في حماية الوطن وصون استقراره.














