“أولاد الفشوش”.. قنابل موقوتة تهدد أخلاق المجتمع!

22 يونيو 2025
“أولاد الفشوش”.. قنابل موقوتة تهدد أخلاق المجتمع!

الصحافة _ كندا

منذ عقدين على الأقل، والمجتمع المغربي يشهد ديناميات متعددة تمخضت عن تحولات اقتصادية، ديموغرافية، وسياسية، أنتجت صعود فئات جديدة في سلم الهرم الاجتماعي. بعض هذه الفئات لم تنبثق عن نضال طبقي أو استحقاق معرفي، بل عن تراكم الثروات بطرق لا تخلو من الشبهات، عبر بوابات الريع، ونهب المال العام، وزواج السلطة بالثروة. وها نحن اليوم أمام أول جيل مكتمل من “أولاد لفشوش”، أبناء هذا الاغتناء السريع وغير المنتج، الذي أصبح يشكل تهديدا بنيويا لثقافة المواطنة وقيم العدالة الاجتماعية.

في سوسيولوجيا الامتيازات، هناك دائماً خطر أن يتحول الثراء الموروث إلى اعتقاد بالاستثناء، ومن ثم إلى سلوك سلطوي غير منضبط. غير أن ما نرصده في المشهد المغربي اليوم، لا يتعلق فقط بسلوكيات فردية منحرفة، بل بظاهرة اجتماعية تتوسع وتجد شرعيتها – أو على الأقل صمتاً متواطئاً – وتعيد إنتاج نفسها بشكل متسارع وخطير.

شباب غير منخرط في النسيج المجتمعي، لا يعرف معنى الكد أو التحصيل، لا يميز بين الحرية والفوضى، يرى في الوطن حديقة خاصة لا دولة للكل. يستهين بالمدرسة، يحتقر القانون، يسخر من الفقراء، ويعيش حالة من الانفصال الطبقي والثقافي عن الأغلبية الساحقة من أبناء وطنه. إنها طبقة جديدة تتشكل خارج منطق العقد الاجتماعي، بل خارجه تماماً.

حادث دهس الطفلة على أحد الشواطئ – كما غيره من الحوادث المتكررة – لا يمكن اعتباره عرضيا أو استثناءً. إنه تجسيد لعقلية “اللامسؤولية المحمية” التي يشعر بها هؤلاء الشباب، لأنهم تربوا في بيئة لا تعرف المحاسبة، ولا تؤمن بفكرة الحدود، ولا ترى في مؤسسات الدولة سوى أدوات يمكن شراؤها أو تجاوزها.

ما نحتاجه اليوم، ليس فقط تطبيق القانون بشكل صارم، بل تفكيك المنظومة التي أنتجت هؤلاء “الأمراء الصغار” في غفلة من الدولة والمجتمع. نحتاج إلى مساءلة ثقافية واجتماعية واسعة: لماذا فشلنا في جعل الثروة مسؤولية؟ لماذا أخفقت المدرسة، والإعلام، والأسرة، في إنتاج جيل وطني ملتزم بقواعد العيش المشترك؟ ولماذا لا تزال بعض المؤسسات تتعامل بانتقائية مع القانون، فيرسخ ذلك الإحساس العام بأن العدالة انتقائية؟

علينا أن نُقرّ بأن هذه الظاهرة إن تُركت تتفاقم، فإنها لن تقود فقط إلى شرخ طبقي، بل إلى فوضى اجتماعية، حيث يغدو المال معيار الشرعية، بدل القانون. فهل نحن مستعدون فعلاً لتحمل كلفة هذا الانفجار القادم؟

إن أبناء “لفشوش” ليسوا هم الجاني الوحيد، بل هم نتاج منظومة سمحت، وسكتت، وباركت. والمجتمع، إن أراد إنقاذ مستقبله، عليه أن يُعيد تعريف معنى الامتياز، وأن يضع حداً لفكرة “الوطن في جيب العائلة”، قبل أن ينفلت الخيط نهائياً، ويغدو المجتمع نفسه رهينةً لأطفال لم يتعلموا إلا التمرد على كل شيء، إلا المال.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق