الصحافة _ كندا
في تحوّل لافت في خارطة المشاريع الطاقية الكبرى بإفريقيا، أبدت الولايات المتحدة اهتماماً رسمياً بالانخراط في مشروع أنبوب الغاز المغربي-النيجيري، بحسب ما أعلنه وزير المالية النيجيري، والي أدون، خلال الاجتماعات الربيعية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي المنعقدة بواشنطن في أبريل 2025.
المسؤول النيجيري أكد أن واشنطن ترى في المشروع فرصة استراتيجية لتعزيز الحضور الاستثماري الأمريكي بالقارة الإفريقية، ودعماً مباشراً لجهود الإصلاح الاقتصادي التي تباشرها نيجيريا. وجاء هذا الموقف الأمريكي في سياق إقليمي يشهد تعثر مشروع الجزائر لنقل الغاز النيجيري إلى أوروبا، والذي اصطدم بجدار من الأزمات الدبلوماسية والنزاعات الإقليمية.
فبينما كان الأنبوب الجزائري المسمى “العابر للصحراء” يعوَّل عليه لربط نيجيريا بأوروبا عبر النيجر والجزائر، تسببت القطيعة الدبلوماسية بين الجزائر ومالي، وتصاعد التوتر مع بوركينا فاسو والنيجر، في إجهاض فرص المشروع، الذي بقي لعقود حبيس الأدراج رغم التصريحات المتكررة.
في المقابل، يسجل مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري تقدماً ملموساً على الأرض منذ إطلاقه سنة 2016 خلال زيارة الملك محمد السادس إلى أبوجا. ويمتد هذا المشروع الطموح على أكثر من 5600 كيلومتر، عابراً إحدى عشرة دولة من غرب إفريقيا، مع إمكانية ربطه مستقبلاً بالشبكة الأوروبية عبر الأراضي الإسبانية، بكلفة إجمالية تناهز 25 مليار دولار.
المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن بالمغرب، وفي تصريحات رسمية، أكد أن المشروع دخل مراحل متقدمة من الإعداد التقني والمالي، حيث عرضت أمينة بنخضرة، المديرة العامة للمكتب، مستجداته بمركز “أتلانتيك كاونسل” في واشنطن، معلنة أن دخول الأنبوب حيز الخدمة متوقع مبدئياً سنة 2029.
الاهتمام الأمريكي تجدد خلال اجتماعات جمعت مسؤولين نيجيريين بممثلين عن وزارة الخارجية الأمريكية ومؤسسات مالية دولية، حيث شددت واشنطن على أهمية دعم مشاريع الطاقة القارية التي تضمن الأمن الطاقي وتعزز الاستقرار الاقتصادي. كما أعلن الطرفان عن مواصلة المشاورات لتحديد مجالات التعاون المحتملة، خاصة في ما يتعلق بتمويل البنية التحتية للأنبوب.
ويستند المشروع إلى سلسلة من الاتفاقيات، أبرزها مذكرات تفاهم بين الشركة الوطنية النيجيرية للبترول والمكتب المغربي للهيدروكاربورات، بدعم من مجموعة “سيدياو”، إلى جانب مساهمات شركات إقليمية كـ”SMH” من تنزانيا و”بيتروسن” من السنغال.
أما في الجهة المقابلة، فإن مشروع الجزائر يتهاوى أمام تصاعد الأزمات الجيوسياسية في منطقة الساحل، وانسحاب مالي والنيجر وبوركينا فاسو من المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا، مما أفقد المشروع الغطاء القانوني والسياسي الضروري لإنجازه.
ويجمع مراقبون أن الفارق بات صارخاً بين مشروع ديناميكي يجذب الشركاء ويحظى بدعم دولي واسع، وآخر مجمد محاصر بالنزاعات. بل إن انخراط الولايات المتحدة، إذا ما تُوج بدعم رسمي خلال الشهور المقبلة، قد يمنح المشروع المغربي دفعة حاسمة تؤهله لقيادة مسار تصدير الغاز الإفريقي نحو أوروبا، في ظل سعي دولي حثيث لفك الارتباط الطاقي مع روسيا.
المغرب من جهته، يواصل حشد الدعم الإقليمي والدولي، واضعاً المشروع ضمن رؤية تنموية شاملة تستهدف تحسين حياة أكثر من 400 مليون نسمة يقطنون الدول الواقعة على مسار الأنبوب، ومن المنتظر أن تكشف الشهور المقبلة عن تركيبة التحالف المالي المموِّل للمشروع، في ظل الإشارات الإيجابية التي صدرت عن اجتماعات واشنطن.